في الأدب مع الله تعالى

0

و روي في تأويل قوله تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ قال ابن عباس أراد بذلك قهرهم بالدين و تأديبهم بالآداب الشرعية
و قال تعالى لموسى ع فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً فأمره بالأدب بخلع نعليه عند مناجاته
فلما نزل قوله تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ قال رسول الله ص أدبني ربي بمكارم الأخلاق
و أعظم الخلق أدبا مع الله الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل و أكثر الخلق تأديبا مع الله تعالى نبينا محمد ص لقوله سبحانه وَ إِنَّكَ لَعَلى‌ خُلُقٍ عَظِيمٍ
و قال أمير المؤمنين ع لولده الحسن يا بني أحرز حظك من الأدب و فرغ له قلبك فإنه أعظم من أن يخالطه دنس و اعلم أنك إذا افتقرت عشت به و إن تغربت كان لك كالصاحب الذي لا وحشة معه يا بني الأدب لقاح العقل و ذكاء القلب و عنوان الفضل
و اعلم أنه لا مروة لأحد بماله و لا حاله بل الأدب عماد الرجل و ترجمان عقله و دليله على مكارم الأخلاق و ما الإنسان لو لا الأدب إلا بهيمة مهملة
و قال الجواد ع ما اجتمع رجلان إلا كان أفضلهما عند الله آدبهما فقيل يا ابن رسول الله قد عرفنا فضله عند الناس فما فضله عند الله فقال بقراءة القرآن كما أنزل و يروي حديثنا كما قلنا و يدعو الله مغرما بدعائه
و حقيقة الأدب اجتماع خصال الخير و تجافي خصال الشر و بالأدب يبلغ الرجل مكارم الأخلاق في الدنيا و الآخرة و يصل به إلى الجنة و الأدب عند الناس النطق بالمستحسنات لا غير و هذا لا يعتد به ما لم يوصل بها إلى رضاء الله سبحانه و الجنة و الأدب هو أدب الشريعة فتأدبوا بها تكونوا أدباء حقا و من صاحب الملوك بغير أدب أسلمه ذلك إلى الهلكة فكيف بمن يصاحب ملك الملوك و سيد السادات
و قد روي أن الله تعالى يقول في بعض كتبه عبدي أ من الجميل أن تناجيني و أنت تلتفت يمينا و شمالا و يكلمك عبد مثلك تلتفت إليه و تدعني و نرى من أدبك‌

إرشادالقلوب ج : 1 ص : 161
إذا كنت تحدث أخا لك لا تلتفت إلى غيره فتعطيه من الأدب ما لا تعطيني فبئس العبد عبد يكون كذلك
و روي أن النبي ص خرج إلى غنم له و راعيها عريان يفلي ثيابه فلما رآه مقبلا لبسها فقال له النبي ص امض فلا حاجة لنا في رعايتك فقال و لم ذلك فقال إنا أهل بيت لا نستخدم من لا يتأدب مع الله و لا يستحي منه في خلوته
و إنما فعل ذلك لأن الراعي أعطاه فوق ما أعطى ربه
و روي أنه ص سلم عليه غلام دون البلوغ و بش له و تبسم فرحا بالنبي ص فقال له أ تحبني يا فتى فقال إي و الله يا رسول الله فقال له مثل عينيك فقال أكثر فقال مثل أبيك فقال أكثر فقال مثل أمك فقال أكثر فقال مثل نفسك فقال أكثر و الله يا رسول الله فقال أ مثل ربك فقال الله الله الله يا رسول الله ليس هذا لك و لا لأحد فإنما أحببتك لحب الله فالتفت النبي إلى من كان معه و قال هكذا كونوا أحبوا الله لإحسانه إليكم و إنعامه عليكم و أحبوني لحب الله
فاختبر ص على صحة أدبه في المحبة لله تعالى فالأدب مع الله بالاقتداء بآدابه و آداب نبيه و أهل بيته ع و هو العمل بطاعته و الحمد لله على السراء و الضراء و الصبر على البلاء و لهذا قال أيوب ع رب أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فقد تأدب هنا من وجهين أحدهما إنه لم يقل إنك أمستني بالضر و الآخر لم يقل ارحمني بل عرض تعريضا فقال وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ و إنما فعل ذلك حفظا لمرتبة الصبر و كذا قال إبراهيم وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ و لم يقل إذا مرضتني حفظا للأدب و قال أيوب ع في موضع آخر أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ أشار بذلك إلى الشيطان لأنه كان يغري الناس فيؤذونه و كل ذلك تأدب منهم مع الله تعالى في مخاطبتهم و قوم آخرون افتروا عليه سبحانه و نسبوا إليه من القبيح ما نزهوا عنه آباءهم و أمهاتهم و قالوا

إرشادالقلوب ج : 1 ص : 162
كلما في الوجود من كفر و ظلم و فساد و قتل و غضب فمنه قضاء و إرادة و هذا باطل لأنه تعالى يقول وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ و يقولون إنه سبحانه يأمر بما لا يريد و ينهى عما يريد و إنه أمر قوما بالإيمان و أراد منهم الكفر و هو قوله تعالى يقول وَ لا يَرْضى‌ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ و قيل لأحدهم إنك تأمر بما لا تريد و تنهى عما لا تكره و كذلك أبوك و أمك لغار من ذلك و غضب و قال لقائله إنك قد نسبتني إلى السفه و الجنون و الجهل فسبحانه ما أحلمه و أكرمه و لو لا حلمه و رحمته لأحل بالأرض النقمة غضبا على القائل لذلك و الراضي به و إن الله سبحانه لم يعص مغلوبا و لم يطع مكرها و إنما أمر الله سبحانه تخييرا و نهى تحذيرا و أقدر على الحالين. و قد قال سبحانه وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ يعني عرفناه الطريقين الخير و الشر و أمر سبحانه بالخير و نهى عن الشر كما قال سبحانه وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‌ عَلَى الْهُدى‌ و قال سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً و ما كان يأمر بالدخول في باب ثم يغلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فاعتبروا و تفكروا و دعوا اتباع الهوى فهو مردي لصاحبه و مهلك له فسبحانه و تعالى كيف يجبر عباده على الكفر ثم يعذبهم عليه و على الزناء و السرقة و القذف للمحصنات و يأمرهم بحدهم أ فمن العدل و الحكمة هذا أم لا خبرونا هداكم الله تعالى و لا شك أن هذه مكيدة من الشيطان عظيمة منتجة لارتكاب كل قبيح و ضلال
و قال أمير المؤمنين ع أدلك على الطريق و ألزم عليك المضيق إن هذا بالحكمة لا يليق
و قال ع أ يأمر بالعدل و يخالفه و ينهى عن المنكر و يؤالفه لقد افترى عليه من بهذا وصفه
و قال ع إذا كان الوزر في الأصل محتوما كان المأخوذ فيه بالقصاص مظلوما
و قال ع ما استغفرته عليه فهو منك و ما حمدته عليه فهو منه
و قال تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ و هذه الأقوال أجوبة لمن سأله عن القضاء و القدر من العلماء
و أما جواب الحسن بن علي ع لما كتب إليه الحسن البصري يسأله عن‌

إرشادالقلوب ج : 1 ص : 163
القضاء و القدر فإنه قال ع من لم يؤمن بالقدر خيره و شره فقد فجر و من حمل المعاصي على الله فقد كفر إن الله سبحانه لا يطاع بإكراه و لا يعصى بغلبة و لا أهمل العباد من الملكة بل هو المالك لما ملكهم القادر على ما أقدرهم فإن عملوا بالطاعة لم يكن الله تعالى لهم عنها صادا و لا منها مانعا و إن عملوا بالمعصية فشاء أن يحول بينهم و بينها فعل و إن لم يفعل فليس هو حملهم عليها إجبارا و لا ألزمهم بها إكراها بل له الحجة عليهم إن عرفهم و جعل لهم السبيل إلى فعل ما دعاهم إليه و ترك ما نهاهم عنه و لله الحجة البالغة على جميع خلقه و السلام
و قال مصنف هذا الكتاب ره و الأدب أيضا التفقه في الدين و علوم اليقين و ثلاثة أشياء هي رأس الأدب مجانبة الريب و السلامة من العيب و الإيمان بالغيب و الأدب كل الأدب أن لا يراك الله حيث نهاك و لا يفقدك حيث أمرك. و قال شخص إن الجنيد قال إذا صحت المودة سقطت شروط الأدب قلت هذا غلط لترك الأدب بل إذا صحت المحبة و خلصت تأكدت على المحب ملازمة الأدب و الدليل على ذلك أن رسول الله ص كان أكثر الناس محبة لله تعالى و أعظمهم أدبا
و روي أن الخليل بن أحمد قال لولده يا بني تعلم الأدب فإنه يقومك و يسددك صغيرا و يعظمك كبيرا
و روي أن صبيا كان له سبع سنين وقف على الحجاج فقال أيها الأمير اعلم أن أبي مات و أني حمل في بطن أمي و ماتت أمي و أنا رضيع و كفلني الغرباء و خلف لي ضيعة أتمون بها و أستند إليها و قد غصبها رجل من عمالك لا يخاف الله و لا يخشى من سطوة الأمير و عليك بردع الظالم و رد المظالم لتجد ذلك يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً فأمر برد ضيعته و صرف الأدباء من بابه و قال الأدب أدب الله يؤتيه من يشاء و على العاقل أن يتأدب مع العالم الذي يعلمه
و روى عبد الله بن الحسين بن علي ع عن أبيه عن جده أنه قال إن من حق المعلم على المتعلم أن لا يكثر السؤال عليه و لا يسبقه في الجواب و لا يلح عليه إذا

إرشادالقلوب ج : 1 ص : 164
أعرض و لا يأخذ ثوبه إذا كسل و لا يشير إليه بيده و لا يخزره بعينه و لا يشاور في مجلسه و لا يطلب عوراته و أن لا يقول فلان خلاف قولك و لا يفشي له سرا و لا يغتاب أحدا عنده و أن يحفظه شاهدا و غائبا و يعم القوم بالسلام و يخصه بالتحية و يجلس بين يديه و إن كان له حاجة سبق القوم إلى خدمته و لا يمل من طول صحبته فإنما هو مثل النخل ينتظر متى يسقط عليك منها منفعة و العالم بمنزله الصائم القائم المجاهد في سبيل الله و إذا مات العالم انثلم في الإسلام ثلمة لا تنسد إلى يوم القيامة و إن طالب العلم ليشيعه سبعون ألف ملك من مقربي السماء
و عن رسول الله ص من أعان طالب العلم فقد أحب الأنبياء و كان معهم و من أبغض طالب العلم فقد أبغض الأنبياء فجزاؤه جهنم و إن لطالب العلم شفاعة كشفاعة الأنبياء و له في جنة الفردوس ألف قصر من ذهب و في جنة الخلد مائة ألف مدينة من نور و في جنة المأوى ثمانون درجة من ياقوتة حمراء و له بكل درهم أنفقه في طلب العلم حورا بعدد النجوم و عدد الملائكة و من صافح طالب العلم حرم الله جسده على النار و إن طالب العلم إذا مات غفر الله له و لمن حضر جنازته
و قالوا لمالك بن دينار يا أبا يحيى رب طالب علم للدنيا قال ويحكم ليس يقال له طالب العلم و لكن يقال له طالب الدنيا ألا و إن ذهاب العلم ذهاب العلماء و من أذى طالب العلم لعنته الملائكة و أتى الله يوم القيامة و هو عليه غضبان ألا و من أعان طالب العلم بدرهم بشرته الملائكة عند قبض روحه بالجنة و فتح الله له بابا من نور في قبره
و قال النبي ص سألت جبرائيل ع فقلت العلماء أكرم عند الله أم الشهداء فقال العالم الواحد أكرم على الله من ألف شهيد فإن اقتداء العلماء بالأنبياء و اقتداء الشهداء بالعلماء
و قال ع من أحب أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى طالب العلم
و قال ع طالب العلم أفضل عند الله من المجاهدين و المرابطين و الحجاج و العمار و المعتكفين و المجاورين و استغفرت له الشجر و الرياح و السحاب و البحار و النجوم و النبات و كل شي‌ء طلعت عليه الشمس

إرشادالقلوب ج : 1 ص : 165
و عن الرضا ع عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين قال سمعت رسول الله ص يقول طلب العلم فريضة على كل مسلم فاطلبوا العلم من مظانه و اقتبسوه من أهله فإن تعلمه لله حسنة و طلبه عبادة و المذاكرة فيه تسبيح و العمل به جهاد و تعلمه لمن لا يعلمه صدقة و بذله لأهله قربة إلى الله تعالى لأنه معالم الحلال و الحرام و منار سبيل الجنة و المونس في الوحشة و الصاحب في الغربة و الوحدة و المحدث في الخلوة و الدليل على السراء و الضراء و السلاح على الأعداء و التزين عند الأخلاء يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم و يهتدى بأفعالهم و ينتهى إلى رأيهم و ترغب الملائكة في خلتهم و بأجنحتها تمسحهم و في صلاتها تبارك عليهم و يستغفر لهم كل رطب و يابس حتى حيتان البحر و هوامه و سباع البر و أنعامه إن العلم حياة القلوب من الجهل و ضياء الأبصار من الظلمة و قوة الأبدان من الضعف يبلغ بالعبد منازل الأخيار و مجالس الأبرار و الدرجات العلى في الآخرة و الأولى الفكر فيه يعدل بالصيام و مدارسته بالقيام به يطاع الرب و يعبد و به توصل الأرحام و يعرف الحلال و الحرام العلم أمام العمل و العمل تابعه و يلهمه السعداء و يحرمه الأشقياء فطوبى لمن لم يحرم الله منه حظه
و عن رسول الله ص العالم بين الجهال كالحي بين الأموات و أن طالب العلم يستغفر له كل شي‌ء فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم و بين الله عز و جل و أن طلب العلم فريضة على كل مسلم
و قال ع إذا كان يوم القيامة يوزن مداد العلماء مع دماء الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء
و قال ع ما عمل رجل عملا بعد إقامة الفرائض خير من إصلاح بين الناس يقول خيرا و يتمنى خيرا
و قال ع عليكم بسنتي فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة
و قال ع من احتقر صاحب العلم فقد احتقرني و من احتقرني فهو كافر

إرشادالقلوب ج : 1 ص : 166
و قال ع سألت جبرائيل عن صاحب العلم فقال هم سراج أمتك في الدنيا و الآخرة طوبى لمن عرفهم و أحبهم و الويل لمن أنكر معرفتهم و أبغضهم و من أبغضهم شهدنا أنه في النار و من أحبهم شهدنا أنه في الجنة
و عن أمير المؤمنين ع قال إذا جلس المتعلم بين يدي العالم فتح الله له سبعين بابا من الرحمة و لا يقوم من عنده إلا كيوم ولدته أمه و أعطاه بكل حديث عبادة سنة و يبني بكل ورقة مدينة مثل الدنيا عشر مرات
و قال ع جلوس ساعة عند العلماء أحب إلى الله تعالى من عبادة سنة لا يعصى الله فيها طرفة عين و النظر إلى العالم أحب إلى الله تعالى من اعتكاف سنة في البيت الحرام و زيارة العلماء أحب إلى الله تعالى من سبعين حجة و عمرة و أفضل من سبعين طوافا حول البيت و رفع الله له سبعين درجة و يكتب له بكل حرف حجة مقبولة و أنزل عليهم الرحمة و شهدت الملائكة له بأنه قد وجبت له الجنة
و قال ع إذا كان يوم القيامة جمع الله العلماء فيقول لهم عبادي إني أريد بكم الخير الكثير بعد ما أنتم تحملون الشدة من قبلي و كرامتي و تعبدني الناس بكم فأبشروا فإنكم أحبائي و أفضل خلقي بعد أنبيائي فأبشروا فإني قد غفرت لكم ذنوبكم و قبلت أعمالكم و لكم في الناس شفاعة مثل شفاعة أنبيائي و إني منكم راض و لا أهتك ستوركم و لا أفضحكم في هذا الجمع
و قال النبي ص طوبى للعالم و المتعلم و العامل به فقال رجل يا رسول الله هذا للعالم فما للمتعلم فقال العالم و المتعلم في الأجر سواء
و قال ص كن عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا لهم و لا تكن الخامس فتهلك فإن أهل العلم سادة و مصاحبتهم زيادة و مصافحتهم زيادة.

الموقع:erfan.ir

Leave A Reply

Your email address will not be published.