کلام ابن تیمیه فی إیمان الصحابه

0

مثل طائفه نافقت لما حولّت القبله الى الکعبه وطائفه نافقت لما انهزم المسلمون یوم أحد ونحو ذلک ، ولذلک وصف الله المنافقین فی القرآن الکریم بأنهم آمنوا ثم کفروا کما ذکر ذلک فی سوره المنافقین وذکر مثل ذلک فی سوره البقره فقال : (( مثلهم کمثل الذی استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وترکهم فی ظلمات لا یبصرون صم بکم عمی فهم لا یرجعون )) وقال طائفه من السلف عرفوا ثم انکروا وأبصروا ثم عموا.
فمن هؤلاء من کان یؤمن أولاً إیماناً مجملاً ثم یأتی أمور لا یؤمن بها فینافق فی الباطن وما یمکنه إظهار الرده بل یتکلم بالنفاق مع خاصته وهذا کما ذکر الله عنهم فی الجهاد فقال : (فإذا انزلت سوره محکمه وذکر فیها القتال رأیت الذین فی قلوبهم مرض ینظرون الیک نظر المغشی علیه من الموت فأولى لهم طاعه وقول معروف فإذا عزم الامر فلو صدقوا الله لکان خیراً لهم )) ) انتهى قوله !
فما قاله أبن تیمیه فی النص السابق هو عین قول الشیعـه فالصحابه کانوا یؤمنون بالرسول (صلى الله علیه وآله) مجملاً فإذا جاءت أمور أخرى آمن بها بعضهم وکفر بها البعض الآخر فیرتدون منافقین ، وقد ذکر ابن تیمیه منها تحویل القبله الى مکه وما جرى فی معرکه أحد ، والحقیقه هناک أمور اخرى سارت فی نفس السیاق ، منها : صلح الحدیبیه ونزول آیه الولایه یوم الغدیر حین تم تنصیب الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام) وصیاً وخلیفه لرسول الله (صلى الله علیه وآله).
فلا عجب بعد قول ابن تیمیه هذا إذا قال الشیعـه بان أبا بکر بن أبی قحافه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وغیرهم قد آمنوا بالإسلام فی أول الأمر ثم ارتدوا إلى النفاق بعد ذلک.
 فرضیه عداله الصحابه لا تغنی عن تدقیق أحوالهم :
لنفترض جدلاً ان جمیع الصحابه عدول (وفرض المحال لیس بمحال) ، فهل ذلک یعنی أن نقبل روایات جمیع الصحابه باعتبارهم عدول ؟ طبعاً لا والسبب أنَّ هناک عیوباً فی الراوی للحدیث تسقط الراوی من الاعتبار وإن کان عادلا ، فالعداله تعنی إتیان الواجبات والامتناع عن المحرمات ، وهناک عیوب قد تصیب الانسان تمنع الفقیه من إعتماد روایه الراوی وإن کان عادلاً ، من هذه العیوب الخلط والتدلیس وقله الضبط وضعف الذاکره ، وکان على فقهاء اهل العامه والجماعه أن یقوموا بضبط حال الصحابه من هذه الجوانب وإن إفترضنا جدلاً أنهم جمیعاً عدول ، لأنه کما عرفنا فإن هذه الصفات مهمه فی الراوی الى جانب العداله ، ولکن مع الاسف فإن فقهاء أهل السنه وعلماء الجرح والتعدیل منهم خصوصاً غضوا النظر عن جرح الصحابی من حیث ضبطه وتدلیسه وخلطه ، وهی عیوب تصیب الانسان عموماً ، وبذلک لم نعد نعرف ما هو حال الصحابی الذی کان یروی الروایه الفلانیه هل اصابه الخلط أم لا وهل ان روایته قبل أن یخلط أم بعدها ، وهل کان مدلساً أم لا ؟ وهل دلّس نقلاً عن صحابی آخر ام عن تابعی ، حیث ان هناک حالات یروی فیها الصحابی عن التابعی بخلاف القاعده وهی روایه التابعی عن الصحابی ، وهی حالات قلیله ونادره ، وهذه الحاله معروفه وهی روایه الطبقه المتقدمه عن الطبقه المتأخره والمعتاد هو روایه المتأخر عن المتقدم. وهل ان تدلیسه بنقله هو عن صحابی موثوق أم صحابی ضعیف ام صحابی قد اختلط ام صحابی فاسق ؟ فمثلاً روایه أم المؤمنین عائشه المشهوره عند اهل العامه والجماعه لقصه بدایه نزول الوحی على النبی (صلى الله علیه وآله) ، هذه الحادثه قد حدثت قبل ولاده ام الؤمنین عائشه ، فما هو إذن المصدر الذی رواها لها ، هی روتها مباشره بدون ذکر المصدر وکأنها کانت حاضره ! هی لم تنسب الروایه الى رسول الله (صلى الله علیه وآله) ولا لأی صحابی ، مما یعنی أن هناک تدلیساً فی الروایه.
إذن فقد أضاع فقهاء اهل العامه والجماعه هذه الفرصه فی ضبط حال الصحابه بما لا یخالف عقیده "عداله جمیع الصحابه" هذه العقیده التی لا یمکن أثباتها أصلاً بأی حالٍ من الاحوال.
 ماذا یعنی تهافت عقیده عداله جمیع الصحابه فی واقعنا الحاضر ؟
أولاً یجب ان نؤکد أننا حین نقول بتهافت عقیده أهل السنه القائله بـ "عداله جمیع الصحابه" فإن ذلک لا یعنی أن نسقط جمیع الصحابه من الاعتبار ، کلا بکل تأکید فهناک صحابه أجلاء لهم کل التقدیر والاحترام منهم أبو ذر والمقداد بن عمرو وسلمان المحمدی وعمار بن یاسر وأبو أیوب الانصاری وجابر بن عبد الله الانصاری وغیرهم (رضوان الله علیهم) ، وقد عاش الى جانبهم أشخاص ممن یطلق علیهم اهل العامه والجماعه صفه "الصحابه" وهم ذوو أفعال یندى لها جبین الانسانیه مثل معاویه بن أبی سفیان وعمرو بن العاص وبسر بن أرطاه وخالد بن الولید بن المغیره ، وآخرین أساؤا للدین وحرّفوه وغیروا العقیده والاحکام الاسلامیه مثل أبو هریره الدوسی وانس بن مالک وغیرهما…
فحین نقول بتهافت وتساقط عقیده "عداله جمیع الصحابه" فهذا یعنی ان البعض فقط من الصحابه قد اتصف بصفه العداله …
والآن ما هو الاثر العملی للقول بسقوط عقیده "عداله جمیع الصحابه" من الاعتبار وتهافتها ؟ ولماذا نخوض فی هذه المسائل وما هو تأثیرها فی زماننا الحاضر وقد مضى على موت الصحابه قرابه ۱۳۵۰ سنه ؟
الاثر هو تأثیر هذه العقیده على معرفه الاحکام الشرعیه الاسلامیه على حقیقتها وکما انزلت ، فحین تسقط هذه العقیده من الاعتبار فذلک یعنی أن هناک خللاً واضحاً لا یمکن معالجته فی عقیده اهل العامه والجماعه وفی طریقه استنباطهم للاحکام الشرعیه ، فهم حین یدققون أسانید الروایات لغرض معرفه الصحیح من الضعیف فإنما یسکتون عن حال الصحابه ولا یمیزون بین الصحابی صحیح الروایه من الصحابی ضعیف الروایه والصحابی الکذاب فی روایته بسبب عقیدتهم فی أن کل الصحابه عدول ، ولذلک فحین نکتشف الخلل فی هذه العقیده ونکتشف انه یجب علینا البحث والتمییز فی معرفه الصحابه العدول من غیرهم من الفساق وضعیفی الروایه والکذابین سنجد أن الزمان قد فات وانقضى وان الوقت قد مر منذ أکثر من أربعه عشر قرنا ولن یعد بإمکاننا أن نعرف حال الصحابه لأن علماء الجرح والتعدیل اهتموا بحال التابعین ورصدهم وتدقیقهم ولم یهتموا بحال الصحابه ولم یعد بالامکان تدقیق حال الصحابه فی زماننا هذا لبعد زمنهم عن زمننا ! وبذلک سوف تسقط جمیع روایات اهل العامه والجماعه عن الاعتبار لکون الطبقه الاولى وهی طبقه الصحابه مجهوله الحال ! کل هذا حدث لأن أهل السنه وفقهائهم قد غضّوا النظر منذ البدء عن تدقیق حال الصحابه وبیان عیوبهم حفاظاً على مکانه المجرمین منهم الذین تسلموا السلطه من ان تُمَسّ مثل معاویه وعمرو بن العاص ومروان بن الحکم.

Leave A Reply

Your email address will not be published.