حديث الغدير في مصادر أهل السنة

0

ال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي في حجة الوداع : ” . . . من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيثما دار ، اللهم هل بلغت ” .

قبل أن نعرض العديد من أحاديث الغدير التي رواها جهابذة أهل السنة وحفاظهم نشير إلى نبذة مما يقوله بعض الباحثين ، بل بعض الجاهلين بأصول البحث العلمي ، والأمانة العلمية . إنكارا منهم لما ثبت عن صاحب الشريعة صلوات الله عليه إما

حقدا منهم ، أو تعصبا يعمي البصيرة ، فلا يرون إلا ما تملي عليهم العصبية البغيضة ظنا منهم أن ذلك يخفي الأثر الذي جاء عن سيد البشر في خلافة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وكان من المفروض عدم الطعن في هذه الأحاديث وعدم تكذيبها

لأن الطعن بها طعن بصاحب الشريعة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وطعن بكل من رواها وصححها من علماء أهل السنة وإليك نبذة منها :

يقول ابن حزم الأندلسي في فصله : ” وأما من كنت مولاه فعلي مولاه ، فلا يصح عن طريق الثقات أصلا ” وأما سائر الأحاديث التي تتعلق بها الرافضة فموضوعة يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلتها . . . ” ( 1 ) .

ويقول الشيخ محمد أبو زهرة . ” ويستدلون – أي الشيعة – على تعيين علي رضي الله عنه بالذات ببعض آثار عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعتقدون صدقها . وصحة

* هامش *

( 1 ) ابن حزم : الفصل – ج 4 – ص 148 . ( * )

ص 92

سندها ، مثل : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ” . . . ومخالفوهم يشكون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . . . ” ( 1 )

ولهذا يقول أحمد أمين في ضحى الإسلام : ” ونظم – أي السيد الحميري – حادثة غدير خم وهي ما تزعمه الشيعة من أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم غدير خم أخذ بيد علي وقال من كنت مولاه فعلي مولاه . . . ” ( 2 ) .

وأما الكاتب الباكستاني إحسان إلهي ظهير فيقول : ” ترويج العقيدة اليهودية بين المسلمين ، ألا وهي عقيدة الوصاية والولاية التي لم يأت بها القرآن ولا السنة الصحيحة الثابتة ، بل اختلقها اليهود من وصاية يوشع بن نون لموسى ، ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي لرسول الله كذبا وزورا وبهتانا ، كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد فيهم . . . ” ( 3 ) .

أقول : ليت هؤلاء وغيرهم لم يتعرضوا لأحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالتكذيب والبهتان ، وما الغاية من ذلك سوى بذر الحقد في نفوس المسلمين ، وزرع الشقاق فيما بينهم وتفريق كلمتهم ، فالعقيدة اليهودية التي يدعيها الأستاذ

إحسان ظهير وغيره والتي اختلقوها ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي لرسول الله ( عليه السلام ) كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد فيهم ، فالباذر لها هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) – كما سوف يتضح – وعلى هذا فرسول الله

صلى الله عليه وآله وسلم ) أول من زرع بذور الفساد في الإسلام . لأنه قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالوصاية لعلي . نعوذ بالله من شطحات الشياطين .

إن مجرد الادعاء من هؤلاء بوجود شكوك ، وتأويلات أو تكذيب لهذا الحديث يؤدي إلى إمكانية الصفح عنه والتخلي من متابعة الحقائق على ضوئه . ومن هنا فإن علماء أهل السنة ومفكريهم يقولون بأن الواجب يفرض عليهم مواصلة البحث عن أية حقيقة وعرضها بصورة سليمة . وهم مسؤولون عن مثل هذه المتابعة دون العامة من الناس ( 4 ) .

* هامش *

( 1 ) محمد أبو زهرة : تاريخ المذاهب الإسلامية – ص 49 .
( 2 ) أحمد أمين : ضحى الإسلام – ج 3 – ص 309 .
( 3 ) إحسان ظهير : الشيعة والسنة – ص 27 .
( 4 ) حسن عباس حسن : الصياغة المنطقية – ص 345 . ( * )

ص 93

ومن الأمثلة على محاولة التأويل والتشكيك لحديث الغدير ، كلمة الدكتور في نص المحاضرة ،  حيث حاول صرف هذا الحديث عن موقعه ، وكذلك ابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة ” إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه

جماعة – كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا ، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته . . . وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده ” ( 1 )

ولكن ابن حجر يسرع بالإمساك بمبدأ التأويل والإجماع ويقرر أنه : يتعين تأويله – حديث الغدير -على ولاية خاصة . . .على أنه وإن لم يحميك التأويل، فالإجماع على حقية ولاية أبي بكر وفرعيها قاض بالقطع بحقيتها لأبي بكر وبطلانها لعلي ” ( 2 )

وقد فات ابن حجر أن الإجماع لا مورد له مع وجود النص خصوصا إن كان النص لا يحتمل التأويل وإلا كان الإجماع مخالفا له وهو مشاقة لله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

وسوف نذكر العديد من النصوص والروايات التي وردت من طرق أهل السنة وحفاظهم ، والتي نفى وجودها ابن حزم الأندلسي ، وابن خلدون وغيرهما ، وأن جهابذة علماء أهل السنة ورواتهم لا يعرفون مثل هذه الآحاد ، ليرى المنصف الغيور

على الإسلام قيمة هؤلاء الكتاب ، ومدى أمانتهم العلمية في نقل الأخبار عن صاحب الرسالة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومدى محاولاتهم في تغيير الحقائق ، وتكذيب ما ورد عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأسانيد صحيحة ، وروايات فصيحة ، لا تقبل الشك والتأويل وإليك نبذة منها :

يقول سبط بن الجوزي : ” اتفق علماء أهل السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . . . الحديث . نص ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة .

وذكر أبو إسحق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار ، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان
* هامش *

( 1 ) ( 2 ) ابن حجر الهيثمي : الصواعق المحرقة – ص 42 – 44 . ( * )

ص 94

الفهري فأتاه على ناقة فأنافها على باب المسجد ثم عقلها ، وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا محمد ، إنك أمرت نا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك . . . ثم لم ترض بهذا حتى

رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس ، وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شئ منك أو من الله ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد احمرت عيناه ، والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني ، قالها ثلاثا . . . ” ( 1 ) .

أقول : إذا كان هذا هو مآل بعض صحابة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخوفهم من الإمام علي ( عليه السلام ) في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمام ناظريه ، فما بالك بالدكتور البوطي وابن خلدون ، وابن حزم ، وإحسان

ظهير : وأبو زهرة ، والدكتور أحمد شلبي ، وغير هؤلاء من الذين أنكروا تلك النصوص ، وصرفوها عن محلها بتأويلات واهية ، فالإمام مسلم ليس من الثقات عند ابن حزم ، لأنه خرج حديث الغدير في صحيحه .

ومن الذين لا تقبل رواياتهم ، والحافظ النسائي أحد أصحاب الصحاح ليس من الثقات ، وغير هؤلاء من جهابذة علماء أهل السنة الذين أخرجوا حديث الغدير وغيره ، ولكن ابن حزم وابن خلدون وغيرهما ، يحاولون إنكار الضرورات من دين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )

يقول الإمام مسلم في صحيحه : ” وعن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوما فينا خطيبا بماء يدعى ” خما ” بين مكة والمدينة فحمد الله ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله . . . ثم قال وأهل بيتي . . . ” ( 2 ) ولهذا يقول ابن حجر كما تقدم – ” إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه ، ولا يلتفت لمن قدح في صحته ولا لمن رده ” .

وأخرج الحافظ النسائي في الخصائص : عن زيد بن أرقم قال : لما رجع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال : كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أعظم من الآخر ،

* هامش *

( 1 ) سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص – ص 30 – 31 .
( 2 ) صحيح مسلم : ج 7 – ص 122 – 123 . ( * )

ص 95

كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . . . ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن : ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . فقلت لزيد : سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : نعم ، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه . . . ) ( 1 ) .

وفي ذخائر العقبى للمحب الطبري ، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : كنا عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا ، الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت شجرة فصلى

الظهر وأخذ بيد علي ، وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه . قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ”

أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه في المناقب من حديث عمر وزاد بعد قوله وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحب من أحبه . قال شعبة أو قال وأبغض من بغضه ”

وعن زيد بن أرقم قال : استشهد علي بن أبي طالب الناس ، فقال أنشد الله رجلا سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلا فشهدوا ” ( 2 ) .

وأخرج ابن المغازلي الشافعي حديث الغدير بطرق كثيرة ، فتارة عن زيد بن أرقم ، وأخرى عن أبي هريرة ، وثالثة عن أبي سعيد الخدري وتارة عن علي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، وابن مسعود وبريدة ، وجابر بن عبد الله ، وغير هؤلاء .

فعن زيد بن أرقم ” أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى : الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله

وسلم ) في يوم شديد الحر ، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء . . . إلى قوله : ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فرفعها
* هامش *

( 1 ) النسائي : الخصائص – ص 39 – 40 – 41 .
( 2 ) المحب الطبري : ذخائر العقبى – ص 67 . ( * )

ص 96

ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قالها ثلاثا ” ( 1 ) .

” قال أبو القاسم الفضل بن محمد : هذا حديث صحيح عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نحو من مائة نفس منهم العشرة وهو حديث ثابت . . . ” ( 2 ) .

وفي كنز العمال للمتقي الهندي : ” . . . إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . ” .

وقد أخرج المتقي الهندي هذا الحديث تارة عن زيد بن أرقم ، وأخرى عن أبي هريرة ، وثالثة جابر بن عبد الله ، ورابعة أبي سعيد الخدري ، وخامسة ابن عباس وغير هؤلاء ( 3 ) .

وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي عند تفسير قوله تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع ” ( 4 ) . قيل إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في علي ( رض ) : ” من كنت مولاه

فعلي مولاه ” ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال : يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك . . . إلى قوله : ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا ، أفهذا شئ منك أم من الله ؟ فقال النبي

( صلى الله عليه وآله وسلم ) : والله الذي لا إله إلا هو ، ما هو إلا من الله ، فولى الحارث ، وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء ، وائتنا بعذاب أليم ، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت : ( سأل سائل . . . ” ( 5 ) .

وفي شواهد التنزيل للحاكم النيسابوري ، والمناقب لابن المغازلي ، عن
* هامش *

( 1 ) ابن المغازلي : المناقب – ص 29 – إلى ص 36 .
( 2 ) المصدر السابق : ص 36 .
( 3 ) المتقي الهندي : كنز العمال – ج 1 – ص 166 – 167 – 168 .
( 4 ) سورة المعارج : الآية 1 .
( 5 ) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن – ج 18 – ص 287 – 289 . ( * )

ص 97

أبي هريرة قال : ” من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا ، وهو يوم غدير ” خم ” كما أخذ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيد علي فقال : ألست ولي المؤمنين ؟ قالوا : بلى يا رسول الله فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ، وأنزل الله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ( 1 ) .

ويقول حجة الإسلام الغزالي : ” أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته من غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى ، فهذا تسليم ورضى وتحكيم ،

ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرياسة ولما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال قبل وفاته ائتوا بدواة وبياض لأزيل لكم إشكال الأمر ، وأذكركم من المستحق لها بعدي ، قال عمر : دعوا الرجل فإنه يهجر . . . فإذن بطل تعلقكم بتأويل

النصوص ، فعدتم إلى الإجماع ، وهذا منصوص أيضا ، فإن العباس وأولاده وعليا وزوجته وأولاده ، وبعض الصحابة ، لم يحضروا حلقة البيعة . . . وخالفكم أصحاب السقيفة في متابعة الخزرجي ” ( 2 ) .

ويقول الشهرستاني في الملل والنحل . ” ومثل ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحال حين نزل قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ” فلما وصل غدير خم أمر بالدوحات فقممن ، ونادوا الصلاة جامعة ، ثم قال ( عليه السلام ) وهو يؤم الرحال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ألا هل بلغت ؟ ثلاثا ” ( 3 ) .

وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم عن زيد بن أرقم قال : ” لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير ” خم ” أمر بدوحات فقممن ،
* هامش *

( 1 ) الحاكم النيسابوري : شواهد التنزيل – ج 1 – ص 158 – ابن المغازلي المناقب – ص 31 .
( 2 ) أبو حامد الغزالي : سر العالمين وكشف ما في الدارين – ص 10 .
( 3 ) الشهرستاني : الملل والنحل – ج 1 – ص 163 . ( * )

ص 98

فقال : كأني دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . ” . يقول الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد أخرجه الحافظ الذهبي في تلخيصه على المستدرك . . . ” ( 1 ) .

وحديث الغدير أخرجه علماء أهل السنة وحفاظهم بطرق كثيرة . فيهم :

ابن حجر العسقلاني في الإصابة ( 2 ) ،

والقندوزي في ينابيع المودة

والمقريزي في خططه ( 3 ) ،

والإمام أحمد في مسنده ( 4 ) ،

والبيهقي في كتابه الاعتقاد على مذهب السلف وأهل الجماعة ( 5 ) ،

والسيوطي في الجامع الصغير ( 6 ) ،

وتاريخ الخلفاء ( 7 ) ،

والمحب الطبري في الرياض النضرة ( 8 ) ،

وابن خلكان في وفيات الأعيان ( 9 )

والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( 10 ) ،

وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ، ( 11 )

وابن تيمية في كتابيه ، حقوق آل البيت ( 12 )

والعقيدة الواسطية ، والمسعودي في مروج الذهب ، والبلاذري في أنساب الأشراف ، وابن كثير في تفسير القرآن الكريم ، وابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة ، وغير هؤلاء من حملة الآثار من علماء أهل السنة ،

* هامش *

( 1 ) الحاكم : المستدرك على الصحيحين – ج 3 – ص 109 وأيضا الحافظ الذهبي في تلخيصه .
( 2 ) ابن حجر العسقلاني : الإصابة – ج 2 – ص 15 – وأيضا ج 4 – ص 568 .
( 3 ) المقريزي : الخطط – ج 2 – ص 92 .
( 4 ) الإمام أحمد في مسنده : ج 1 – ص 331 ط 1983 .
( 5 ) البيهقي : كتاب الاعتقاد – ص 204 – وأيضا 217 ط بيروت – 1986 .
( 6 ) السيوطي : الجامع الصغير – ج 2 – ص 642 .
( 7 ) السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 169 .
( 8 ) المحب الطبري : الرياض النضرة – ج 2 – ص 172 .
( 9 ) ابن خلكان : وفيات الأعيان – ج 4 – ص 318 ، 319 .
( 10 ) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد – ج 7 – ص 437 .
( 11 ) ابن قتيبة : الإمامة والسياسة ج 1 – ص 109 .
( 12 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت – ص 13 . ( * )

ص 99

اقتصرنا على ذكر جملة منهم ليرى المنصف ما قاله ابن خلدون وابن حزم ، وإحسان ظهير وأبو زهرة والدكتور شلبي وغيرهم .

وليعلم أن حديث الغدير من أهم الأحاديث المتواترة عند جميع المسلمين .

وقد أخرجه الثقات من علماء أهل السنة ورواتهم .

وأما قول ابن حزم : ” وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلا . . . ” فهو كحاطب ليل لا يرى بالبصر ولا بالبصيرة ، ولا أضلته العصبية المذهبية كما أضلت غيره ، وإلا فما يقول في الذين ذكرناهم ، أليسوا من الثقات والعدول عنده ؟

وماذا يقول ابن خلدون وغيره عن هؤلاء ؟

أليسوا من جهابذة علماء أهل السنة ورواتهم ، أم أنهم من عوامهم وجهالهم ؟

فبماذا يجيب الحاكم العادل ، وأين يضع ابن خلدون وابن حزم وغيرهما من كفتي الميزان ؟

وماذا يقول الشيخ محمد أبو زهرة في قوله : ” . . . ومخالفوهم – أي مخالفوا الشيعة – يشكون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟

فالشيخ أبو زهرة قد طعن في رواة أهل السنة وحفاظهم ، حيث ذهبوا إلى تصحيح هذه الروايات ، والشيخ يطعن في صحتها . ولا شك أن رواة الحديث أعرف بصحة الحديث من الشيخ أبو زهرة . . يقول ابن كثير في تفسيره : ” وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال في خطبته بغدير ” خم ” . . . ” ( 1 )

ويقول ابن حجر : ” إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه . . . ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده . . . ” ( 2 )

ويقول ابن تيمية ، مع شدة معارضته للشيعة : ” وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغدير يدعى ” خم ” بين مكة والمدينة . . . ” ( 3 ) إ

لى غير ذلك من أقوال علماء أهل السنة وحفاظهم ، والتي تدل على صحة حديث الغدير الناصة على خلافة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .

* هامش *

( 1 ) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج 4 – ص 113 .
( 2 ) ابن حجر الهيثمي : الصواعق المحرقة ص 42 .
( 3 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت ص 13 . ( * )

الموقع:erfan.ir

Leave A Reply

Your email address will not be published.