طريق الدنيا والاخرة

0

الطريق في اللغة هو الصراط والعکس صحيح ، ويغلب استعماله على الطريق الذي يوصل الإنسان إلى الخير، بخلاف السبيل، فإنه يطلق على كلِّ سبيل يتوسل به، خيرا كان أم شرّا(1).
أمّا كلمة المرصاد، فهي مشتقة من مادة (رصد)، على وزن (حسد)، وهو المكان الذي يرصد منه ويرقب، والمرصد: موضع الرصد.
قال تعالى: “إِنّ جهنّم كانتْ مِرْصادا * لِلْطّاغِين مآبا”(2).
وقد فسِّر بمعنى الصراط، وأحيانا أخرى بأنّه ممر خاص من نفس الصراط، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: “المرصاد قنطرة على الصراط، لا يجوزها عبد بمظلمة “(3).

صراط في الدنيا وآخر في الآخرة
وقد جعل الله تعالى للناس في الدنيا صراطا، وفرض عليهم إتباعه، وعدم إتِّباع سبلٍ غيره، قال تعالى: “وأنّ هذا صِراطِي مسْتقِيما فاتّبِعوه ولا تتّبِعوا السّبل فتفرّق بِكمْ عنْ سبِيلِه”(4).
وهو طريق على الإنسان أن يسلكه باختياره لينال سعادته في الدنيا، ومن ثم الآخرة، قال الله تعالى: “إِنّا هديْناه السّبِيل إِمّا شاكِرا وإِمّا كفورا”(5).
وقد ورد في حديث (مفضل بن عمر) يقول: سألت الإمام الصادق عليه السلام عن الصراط فقال:
“الـصـراط: الـطريق إلى معرفة اللّه سبحانه وتعالى، ثمّ قال عليه السلام: هما صراطان: صراط في الدنيا، وصـراط فـي الآخرة، فأمّا الصراط الذي في الدنيا، فهو الإمام المفروض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلّت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردّى في نار جهنّم”.
وعن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: “اهدِنا الصِّراط المستقِيم”(6) قال: “هو أمير المؤمنين عليه السّلام ومعرفته”(7).
وعن أبي حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام قال:
“ليس بين الله وبين حجّته حجاب، فلا لله دون حجّته ستر، نحن أبواب الله، ونحن الصراط المستقيم، ونحن عيبة علمه، ونحن تراجمة وحيه، ونحن أركان توحيده، ونحن موضع سرّه”(8).
فكل ما جعله الله تعالى من سبل للهداية، كالقرآن الكريم، والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين، هم الصراط الذي لا بدّ من الإهتداء بهديه وسلوك مسالكه، لتحصيل رضا الله ونعيمه في الدنيا والآخرة.
ويظهر من الذكر الحكيم، ويدلّ عليه صريح الروايات، وجود صراط آخر، في النشأة الأخروية يسلكه كلّ مؤمنٍ وكافرٍ، وهو جسرٌ ينصب على جهنّم، وعلى الجميع عبوره، وأشير إليه في الآيات الكريمة، بينما ورد ذكـره بـالتفصيل في الروايات الشريفة.
يشير الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام إليه في حديثه عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال:
“والصّراط المستقيم، صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، أمّا الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلوّ، وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شيءٍ من الباطل, وأمّا الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة”(9).

ما هي حقيقة الصراط؟
يقول سبحانه: “وإِنّك لتدْعوهمْ إِلى صِراط مسْتقِيم * وأنّ الّذِين لا يؤْمِنون بِالآخِرةِ عنِ الصِّراطِ لناكِبون”(10).
يـسـتـفـاد مـن الروايات الشريفة، أنّ الصراط جسر على جهنّم في طريق الجنّة، ويرده كل برٍّ وفـاجـرٍ، فالأبرار يمرّون عليه بسرعة، أمّا الفجّار فتزلّ أقدامهم ويتردّون في نار جهنّم.
وقد ورد في الروايات أنّه أدقّ من الشعرة، وأحدّ من السيف، وأشدّ حرارة من النّار، وأنّ المؤمنين الخلّص يمرّون عليه بسهولة، كالبرق الخاطف، بخلاف البعض الآخر.
فعن الإمام الصادق عليه السلام: “النّاس يمرّون على الصراط طبقات، والصراط أدقّ من الشعر، وأحدّ من السيف، فمنهم من يمشي عليه مثل البرق، ومنهم من يمرّ عليه مثل عدو الفرس، ومنهم من يمرّ حبوا، ومنهم من يمرّ مشيا، ومنهم من يمرّ متعلِّقا قد تأخذ النّار منه شيئا وتترك شيئا”(11)

الصراط ممرٌّ حتميٌّ
فالكلّ يسلك الصراط في النشأة الأخرى، ويختلفون في السرعة والبطء، بحسب شدّة سلوكهم للصراط الدنيوي، ولأجل ذلك تضافرت الروايات باختلاف مرور الناس، حسب اختلافهم في سلوك صراط الدنيا.
يقول سبحانه وتعالى: “فوربِّك لنحْشرنّهمْ والشّياطِين ثمّ لنحْضِرنّهمْ حوْل جهنّم جِثِيّا * ثمّ لننزِعنّ مِن كلِّ شِيعةٍ أيّهمْ أشدّ على الرّحْمنِ عِتِيّا * ثمّ لنحْن أعْلم بِالّذِين همْ أوْلى بِها صِلِيّا * وإِنْ مِنْكمْ إِلاّ وارِدها كان على ربِّك حتْما مقْضِيّا * ثمّ ننجِّي الّذِين اتّقوا وّنذر الظّالِمِين فِيها جِثِيّا”(12).

ما هو الورود؟
اختلف المفسّرون في معنى الورود في الآية الكريمة “وإِنْ مِنْكمْ إِلاّ وارِدها كان على ربِّك حتْما مقْضِيّا”، بين قائل بأنّ المراد منه هو الوصول إلى النّار في القيامة، أو الإشراف عليها، لا الدخول، وقائل بأنّ المراد دخولها.
فالورود في اللغة هو قصد الماء، ثمّ يستعمل في غيره، يقال: وردت الماء. قال تعالى “ولمّا ورد ماء مدْين وجد عليْهِ أمّة مِّن النّاسِ يسْقون”(13) ومعنى ذلك أنّ الورود لا يستلزم الدخول، فمن كان من أهل الجنّة يشرف على جهنّم من غير أن يدخلها، ويكون (الصراط) بمعنى الجسر الذي يمر على جهنّم، فعلى الجميع اجتيازه وعبوره، فتزلّ أقدام المجرمين ويتردون في النّار، أمّا المؤمنون فيجتازونه بسرعة ويدخلون الجنّة.
والشاهد على هذا التفسير، حديثٌ ورد عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال في تفسير الآية أعلاه: “أما تسمع الرّجل يقول: وردنا ماء بني فلان، فهو الورود ولم يدخله”(14)
وهـنـاك تـفسير آخر، وهو أنّ البرّ والفاجر يدخلان جهنّم، فتكون بردا وسلاما على المؤمنين وعذابا لازما على الكافرين والمجرمين، كما أصبحت النّار بردا وسلاما على إبراهيم، وفي هذا المعنى رواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري، إذ سئل عن هذه الآية فقال: سـمـعـت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “الورود الدخول لا يبقى برٌّ ولا فاجر إلا دخلا، ما كانت على إبراهيم حتى أنّ للنّار – أو قال لجهنّم – ضجيجا من بردها ثم ينجِّي الّذين اتقوا”(15).
وعلى كلِّ تقدير، فلا بدّ للمسلم من الاعتقاد بوجود صراط في النشأة الأخروية، وهو طريق المؤمن إلى الجنّة، والكافر إلى النّار.

ما بين صراط الدنيا والآخرة
إنّ من يسلك الصراط الدنيوي الذي جعله الله معبرا لطاعته “وأنّ هذا صِراطِي مسْتقِيما فاتّبِعوه و لا تتّبِعوا السّبل فتفرّق بِكمْ عنْ سبِيلِه”(16)، واهتدى بهدي القرآن واقتدى بالنبيِّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم واتّبعه وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم، فله الأمن، و يسلك الصراط الأخروي ويجتازه بأمان إلى الجنّة.
ومن أعرض عن ربِّه، ونسي ذكره، واتّبع سبيل الشيطان، وانطوى تحت ولايته، يأتي يوم القيامة ليسلك الصراط الأخروي، فتزلّ قدمه ويهوي في عذاب السّعير.
إنّ قيام الإنسان بالوظائف الإلهية، في مجالي العقيدة والعمل أمر صعب، أشبه بسلوك طريق أدقّ من الشعر، وأحدّ من السيف، فإذا كان هذا حال الصراط الدنيويِّ من حيث الصعوبة والدقة، فكيف يكون حال الصراط الأخرويِّ.

مواقف على الصراط
على الصراط عدة مـواقف كما ورد في الروايات الشريفة، وفي كلِّ موقف يسأل فيه عن شي، فأمّا الأول، فيسأل عن الصلاة، فهي عمود الدِّين وأساسه.
وأمّا الثاني، فعن الأمانة وصلة الـرحم، وهما علامات في المؤمن، وصفات يتميّز بها عن سواه.
والثالث عن العدالة وما شابه ذلك، كما لا يمكن لأحد العبور عليه واجتيازه، إلا بولاية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وولاية الإمام علي وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم.
فعن جابر عن الإمام الصادق عليه السلام قال: “أدقّ من الشعرة، وأحدّ من السيف، عليها ثلاث قناطر.
فأمّا واحدة: فعليها الأمانة والرحم.
وأمّا ثانيها: فعليها الصلاة.
وأمّا الثلاثة: فعليها عدل ربّ العالمين، لا اله غيره، فيكلفون الممّر عليها، فتحبسهم الرحم والأمانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى ربِّ العالمين جلّ وعزّ، وهو قوله تبارك وتعالى: “إِنّ ربّك لبِالْمِرْصادِ”، والنّاس على الصراط، فمتعلِّق بيد وتزول قدم مستمسك بقدم.
والملائكة حولها ينادون: يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك، وسلم، وسلم.
والنّاس يتهافتون في النّار كالفراش فيها، فإذا نجا برحمة الله مرّ بها، فقال: الحمد لله، وبنعمته تتمّ الصالحات، تزكو الحسنات، والحمد لله الّذي نجّاني منك بعد اليأس بمنِّه وفضله، إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ”(17).

ممّا يسهِّل عبور الصراط
من الأمور التي تسهِّل على المارِّ على الصراط مروره واجتيازه، وتقوده للنجاح والوصول للجنة:
1- التمسّك بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام:
فالتمسّك بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته الطاهرين، يسهِّل اجتياز هذا الطريق المخوِّف، فقد جاء في حديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنّم، لم يجزْ عليه إلا من كان معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب”(18).
2- صوم أيامٍ من رجب:
فقد روِي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “…ومن صام من رجب ستّة أيام، خرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ، أشدّ بياضا من نور الشمس، وأعطى سوى ذلك نورا يستضئ به أهل الجمع يوم القيامة، وبعث من الآمنين يوم القيامة، حتى يمرّ على الصراط بغير حساب”(19).
3- الصلاة مخصوصة:
وتكون في الليلة التاسعة والعشرين من شعبان، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “من صلّى في الليلة التاسعة والعشرين من شعبان عشر ركعات، يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، وألهاكم التكاثر عشر مرّات، والمعوذتين عشر مرّات، وقل هو الله أحد عشر مرّات، أعطاه الله تعالى ثواب المجتهدين، وثقّل ميزانه، ويخفِّف عنه الحساب، ويمرّ على الصراط كالبرق الخاطف”(20).
زيارة الإمام الرضا عليه السلام:
فإنّه روِي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: “من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتّى أخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط وعند الميزان”(21)

خلاصة
الصراط في اللغة هو الطريق، ويغلب استعماله على الطريق الذي يوصل الإنسان إلى الخير.
المرصاد وهو المكان الذي يرصد منه ويرقب.
ويظهر من الذكر الحكيم، ويدلّ عليه صريح الروايات، وجود صراط آخر، في النشأة الأخروية، يسلكه كلّ مؤمنٍ وكافرٍ، وهو جسرٌ ينصب على جهنّم، وعلى الجميع عبوره، وأشير إليه في الآيات الكريمة، بينما ورد ذكـره بـالتفصيل في الروايات الشريفة.
يستفاد من الروايات الشريفة أنّ الصراط جسر على جهنّم في طريق الجنّة، ويرده كل برٍّ وفـاجـر، فالأبرار يمرّون عليه بسرعة، أمّا الفجّار فتزلّ أقدامهم ويتردّون في نار جهنّم.
الكلّ يسلك الصراط في النشأة الأخرى، ويختلفون في السرعة والبطء، بحسب شدّة سلوكهم للصراط الدنيوي، ولأجل ذلك تضافرت الروايات باختلاف مرور الناس، حسب اختلافهم في سلوك صراط الدنيا.
لا بدّ للمسلم من الاعتقاد بوجود صراط في النشأة الأخروية، وهو طريق المؤمن إلى الجنّة، والكافر إلى النّار.
إنّ قيام الإنسان بالوظائف الإلهية، في مجالي العقيدة والعمل أمر صعب، أشبه بسلوك طريق أدقّ من الشعر، وأحدّ من السيف، فإذا كان هذا حال الصراط الدنيوي من حيث الصعوبة والدقة، فكيف يكون حال الصراط الأخروي؟.
على الصراط عدة مـواقف كما ورد في الروايات الشريفة، وفي كل موقف يسأل فيه عن شيء.
مما يسهل عبور الصراط.
التمسك بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام.صوم أيامٍ من رجب.الصلاة مخصوصة.
أشعار الحكمة
لست أدري إذا استطار فؤادي*** يوم بعثِي بجسمي العريانِ
ما اعتذاري لدى الحساب إذا ما *** نشر ما اقترفت طول زماني
ما اعتذاري وقد جنيت ذنوبا *** أثقلتني وسوّدت دِيوانِي
ما اعتذاري إذا دعيت وخفّت*** حسناتي بكفّةِ الميزانِ
ما اعتذاري إذا سئلت بماذا *** قد تقضّى بك الزمان الفانِي
ما اعتذاري إذا نشرت وعدّتْ ***ما جنته يداي والرجلانِ
وأقيمت عليّ منِّي شهودٌ*** باجترامي جوارِحِي ولسانِي
لهف نفسي إذا أخذت كِتابي*** بشمالي وبِتّ بِالخسرانِ
واستتمّتْ عليّ حجّة حق ***عن قضاءِ المهيمِنِ المنّانِ
من مجيري مِن العذابِ إذا ما *** حكمتني حكومة الديّانِ
من مجِيري مِن الشقاءِ إذا ما***قيّدتْنِي سلاسِل الخذلانِ
من مجِيري على الصِراطِ إذا ما*** أرعشتْنِي عواقِب العِصْيانِ
بهلول والعبور على الصراط
كان بهلول يذهب في بعض الأوقات إلى المقبرة ويجلس بين القبور، ثمّ يقرأ سورة الفاتحة للأموات سواء كان يعرفهم أو لا، وذات يوم وعلى عادته، كان البهلول قاصدا مقبرة المسلمين، فصادفه هارون الرشيد، وهو يريد الذهاب الى الصيد.
حينما وصل هارون قرب البهلول سمعه يردد كلمة: “الصِّراط… الصِّراط”
فلما شاهده هارون سأله قائلا: ماذا تفعل يابهلول؟ وماذا تعني بالصِّراط؟
أجابه بهلول وكان جالسا على قبر من القبور: (جئت أناسا لا يغتابون أحدا ولا يرجون مني شيئا ولا يؤذونني)
نهض بهلول من القبر، ووقف الى جانب هارون، وكان مطرقا إلى الارض… تريد معرفة معنى الصراط؟: (قل لهؤلاء أن يوقدوا نارا هنا).
أمر هارون من حوله ليذهب في طلب الحطب، فلما أحضرت النّار قال بهلول لهارون أن يأمر له بطشت فيه ماء ويضعونه على النار، فلما نفّذوا أمر هارون، وأشتدت حرارة الطشت، وأخذ الماء يغلي، قال لهارون: ياهارون قف على هذا الطشت، ثمّ عرِّف عن نفسك، ومأكلك وملبسك، فإن أتممت كلامك أقف أنا أيضا وأفعل مثل ذلك.
كان هارون يخشى الوقوف داخل الطشت، فحاول صرف بهلول مما ينويه، فقال لبهلول: عليك أن تفعل ذلك أنت أولا.
كان يشمّ من كلام هارون رائحة الخوف الممزوج بالتهديد، لكنّ ذلك لم يكن ليثني بهلولا عن عزيمته
فقال: نعم أفعل ذلك أنا أولا.
ثمّ ذهب إلى الطشت فوقف في وسطه وقال: أنا بهلول طعامي التمر وخبزي الشعير ولباسي من الصوف.
فلمّا أتمّ بهلول كلامه، خرج وليس في قدميه آثار الحروق.
والآن وصلت النوبة لهارون، وقد أمسكوا به من تحت أبطيه ليخلع نعليه، فقد تقدّم وهو يلفظ أنفاسه بسرعة، والعرق يتصبب من جبينه، وأخيرا خلع نعليه ودخل الطشت على عجل فلم تكن له طاقة الوقوف أكثر من لحظه قال فيها: أنا هارون………… ثمّ قفز بسرعة.
لم يجرؤ من كان حول هارون على الضحك من هارون، وحاولوا أن يمسكوا أمامه أفواههم، لم يكن هارون يستطيع الوقوف على قدميه أمام حاشيته، فأخذ ينظر إلى من حوله بغضب، قل لي الان ماذا أردت من ذلك؟
تبسّم بهلول وقال: إعلم أنّ يوم القيامة بهذا النحو، فإنّ الّذين لا يملكون في الدنيا مالا ولا ذهبا يعبرون الصِّراط آمنين، وأمّا من كان متعلقا بالدّنيا وزينتها، فليس له قدرة العبور على الصراط، فإنّ من كان كذلك يسقط في الّلحظة الأولى من وقوفه على الصراط.
المصادر :
1- مفردات الراغب، مادة سبل
2- النبأ:21 ـ22
3- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية – طهران – الطبعة الخامسة – ج 2 ص 331
4- الأنعام: 153
5- الدهر: 3
6- الفاتحة: 6
7- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 24 ص 12
8- م . ن .ج 24 ص 12
9- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 8 ص 70
10- المؤمنون: 73 – 74
11- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 8 ص64 – 65
12- مريم: 68 – 72
13- القصص:23
14- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 8 ص 292
15- م . ن .ج 8 ص 249
16- الأنعام: 153
17- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية – طهران – الطبعة الخامسة – ج 8 ص 312
18- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 8 ص 68
19- الصدوق – ثواب الأعمال – منشورات الشريف الرضي – قم- ص 55
20- ابن طاووس – إقبال الأعمال – مكتب الإعلام الإسلامي – ج 3 ص 364
21- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج 99 ص 34

الموقع:erfan.ir

Leave A Reply

Your email address will not be published.