الطلاق ثلاثاً دفعه أو دفعات فی مجلس واحد
الطلاق ثلاثاً دفعه أو دفعات فی مجلس واحد
من المسائل التی أوجبت انغلاقاً وعنفاً فی الحیاه وانتهت إلى تمزیق الأُسر وتقطیع صلات الأرحام فی کثیر من البلاد، مسأله تصحیح الطلاق ثلاثاً دفعه واحده، بأن یقول: أنت طالق ثلاثاً، أو یکرّره ثلاث دفعات ویقول فی مجلس واحد: أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنتِ طالق. وأنّها تحسب ثلاث تطلیقات حقیقه وتحرم المطلّقه على زوجها حتى تنکح زوجاً غیره.
إنّ الطلاق عند أکثر أهل السنّه غیر مشروط بشروط عائقه عن التسرّع إلى الطلاق، ککونها غیر حائض، أو فی غیر طهر المواقعه، أو لزوم حضور العدلین. فربّما یتغلّب الغیظ على الزوج ویأخذه الغضب فیطلّقها ثلاثاً فی مجلس واحد، ثمّ یندم على عمله ندامه شدیده تضیق علیه الأرض بما رحبت فیتطلّب المَخلَص عن أثره السیّئ، ولا یجد عند أئمّه المذاهب الأربعه و الدعاه إلیها مخلصاً فیقعد ملوماً محسوراً، ولا یزیده السؤال والفحص إلاّ نفوراً عن الفقه والفتوى.
نحن نعلم علماً قاطعاً بأنّ الإسلام دین سهل وسمح، ولیس فیه حرج وهذا یدفع الدعاه المخلصین إلى دراسه المسأله من جدید دراسه حرّه بعیده عن أبحاث الجامدین الذین أغلقوا باب الاجتهاد فی الأحکام الشرعیه على وجوههم، وعن أبحاث أصحاب الهوى الهدّامین الذین یریدون تجرید الأُمم عن الإسلام، حتى ینظروا إلى المسأله ویتطلبوا حکمها من الکتاب والسنّه، متجرّدین عن کلّ رأی مسبق فلعلّ الله یحدث بعد ذلک أمراً، وربّما تفک العقده ویجد المفتی مَخلصاً من هذا المضیق الذی أوجده تقلید المذاهب.
وإلیک نقل الأقوال:
قال ابن رشد: جمهور فقهاء الأمصار على أنّ الطلاق الثلاث حکمه حکم المطلّقه الثالثه، وقال أهل الظاهر وجماعه: حکمه حکم الواحده ولا تأثیر للفظ فی ذلک. ( [۷۶۳])
قال الشیخ الطوسی: إذا طلّقها ثلاثاً بلفظ واحد، کان مبدعاً ووقعت واحده عند تکامل الشروط عند أکثر أصحابنا، وفیهم من قال: لا یقع شیء أصلاً، وبه قال علی ـ علیه الصلاه والسلام ـ وأهل الظاهر ، وحکى الطحاوی عن محمد بن إسحاق أنّه تقع واحده کما قلناه، وروی أنّ ابن عباس وطاووساً کانا یذهبان إلى ما یقوله الإمامیه.
وقال الشافعی: فإن طلّقها ثنتین أو ثلاثاً فی طهر لم یجامعها فیه، دفعه أو متفرّقه کان ذلک مباحاً غیر محذور ووقع. وبه قال فی الصحابه عبد الرحمن بن عوف، ورووه عن الحسن بن علی ـ علیهما الصلاه والسلام ـ ، وفی التابعین ابن سیرین، وفی الفقهاء أحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال قوم: إذا طلّقها فی طهر واحد ثنتین أو ثلاثاً دفعه واحده، أو متفرقه، فعل محرّماً وعصى وأثم، ذهب إلیه فی الصحابه علی ـ علیه الصلاه والسلام ـ ، وعمر، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وفی الفقهاء أبو حنیفه وأصحابه ومالک، قالوا: إلاّ أنّ ذلک واقع. ( [۷۶۴])
قال أبو القاسم الخرقی فی مختصره: وإذا قال لمدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، لزمه تطلیقتان إلاّ أن یکون أراد بالثانیه إفهامها أن قد وقعت بها الأُولى فتلزمه واحده، وإن کانت غیر مدخول بها بانت بالأُولى ولم یلزمها ما بعدها لأنّه ابتداء کلام.
وقال ابن قدامه فی شرحه على مختصر الخرقی: إنّه إذا قال لامرأته المدخول بها : أنت طالق مرّتین ونوى بالثانیه إیقاع طلقه ثانیه، وقعت لها طلقتان بلا خلاف، وإن نوى بها إفهامها أنّ الأُولى قد وقعت بها أو التأکّد لم تُطلّق إلاّ مرّه واحده، وإن لم تکن له نیّه وقع طلقتان وبه قال أبو حنیفه ومالک، وهو الصحیح من قولی الشافعی وقال فی الآخر: تطلّق واحده.
وقال الخرقی أیضاً فی مختصره: «ویقع بالمدخول بها ثلاثاً إذا أوقعها مثل قوله : أنت طالق، فطالق فطالق، أو أنت طالق ثمّ طالق، ثم طالق، أو أنت طالق، ثمّ طالق وطالق أو فطالق.
وقال ابن قدامه فی شرحه: إذا أوقع ثلاث طلقات بلفظ یقتضی وقوعهنّ معاً، فوقعن کلّهنّ کما لو قال: أنت طالق ثلاثاً. ( [۷۶۵])
وقال عبد الرحمن الجزیری: یملک الرجل الحر ثلاث طلقات، فإذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً دفعه واحده، بأن قال لها: أنت طالق ثلاثاً، لزمه ما نطق به من العدد فی المذاهب الأربعه وهو رأی الجمهور، وخالفهم فی ذلک بعض المجتهدین: کطاووس وعکرمه وابن إسحاق وعلى رأسهم ابن عباس ـ رضی الله عنهم ـ . ( [۷۶۶])
إلى غیر ذلک من نظائر تلک الکلمات التی تعرب عن اتّفاق جمهور الفقهاء بعد عصر التابعین على نفوذ ذلک الطلاق محتجّین بما تسمع، ورائدهم فی ذلک تنفیذ عمر بن الخطاب، الطلاق الثلاث بمرأى ومسمع من الصحابه، ولکن لو دلّ الکتاب والسنّه على خلافه فالأخذ به متعیّـن. و أمّا مذهب أئمّه أهل البیت (علیهم السلام) فهو عدم وقوع الثلاث قطعاً. و هذا القول مشهور عنهم.
دراسه الآیات الوارده فی المقام:
قال سبحانه:
( وَ المُطَلَّقَاتُ یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَهَ قُروء وَ لا یَحِلَّ لَهُنَّ أَنْ یَکْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِی أَرْحَامِهِنَّ إِنْ کُنَّ یؤْمِنَّ بِاللّهِ وَ الْیَومِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِی ذَلِکَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالمعْرُوفِ وَ لِلرِّجَالِ عَلَیْهِنَّ دَرَجَهٌ وَ اللّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ ) ( [۷۶۷]) .
( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْساکٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِیحٌ بِإْحْسَان وَ لا یَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَیْتُمُوهُنَّ شَیئاً إلاّ أَنْ یَخَافَا ألاّ یُقِیما حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ یُقِیما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَیْهِمَا فِیما افْتَدَتْ بِهِ تِلْکَ حُدُودُ اللّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَ مَنْ یَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولئکَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( [۷۶۸]) .
( فَإن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعدُ حَتّى تَنْکِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ فَإنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَیْهِما أن یَتَراجَعا إنْ ظَنّا أن یُقیما حُدُودَ اللّهِ وَتِلکَ حُدُودُ اللّهِ یُبَیِّنُها لِقَوم یَعلَمُونَ ) (۲) .
( وَإذا طَلَّقتُمُ النِساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمسِکُوهُنَّ بَمَعرُوف أَو سَـرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَ لا تُمْسِکُوهُنَّ ضِراراً لِتَعتَدُوا وَمَن یَفْعَلْ ذلِکَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ … ) ( [۷۶۹]) .
جئنا بمجموع الآیات الأربع ـ مع أنّ موضع الاستدلال هو الآیه الثانیه ـ للاستشهاد بها فی ثنایا البحث، وقبل الخوض فی الاستدلال نشیر إلى نکات فی الآیات:
۱ـ قوله سبحانه: ( وَلَهُنّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالمَعْرُوف ) کلمه جامعه لا یؤدّى حقّها إلاّ بمقال مسهب، وهی تعطی أنّ الحقوق بینهما متبادله، فما من عمل تعمله المرأه للرجل إلاّ وللرجل عمل یقابله، فهما ـ فی حقل المعاشره ـ متماثلان فی الحقوق والأعمال، فلا تسعد الحیاه إلاّ باحترام کل من الزوجین الآخر، وقیام کلّ بعمل خاصّ، فعلى المرأه القیام بتدبیر المنزل والقیام بالأعمال فیه، وعلى الرجل السعی والکسب خارجه، هذا هو الأصل الأصیل فی حیاه الزوجین الذی تؤیده الفطره، وقد قسم النبیّ الأُمور بین ابنته فاطمه وزوجها علی فجعل أُمور داخل البیت على ابنته وأُمور خارجه على زوجها ـ صلوات الله علیهما ـ .
۲ـ «المرّه» بمعنى الدفعه للدلاله على الواحد فی الفعل، و «الامساک» خلاف الإطلاق، و«التسریح» مأخوذ من السرح وهو الإطلاق یقال: سرح الماشیه فی المرعى: إذا أطلقها لترعى. والمراد من الإمساک هو إرجاعها إلى عصمه الزوجیه. کما أنّ المقصود من «التسریح» عدم التعرّض لها لتنقضی عدتها فی کل طلاق أو الطلاق الثالث الذی هو أیضاً نوع من التسریح . على اختلاف فی معنى الجمله.
۳ـ قیّد الإمساک بالمعروف، والتسریح بإحسان ، مشعراً بأنّه یکفی فی الإمساک قصد عدم الإضرار بالرجوع، وأمّا الإضرار فکما إذا طلّقها حتى تبلغ أجلها فیرجع إلیها ثم یطلّق کذلک، یرید بها الإضرار والإیذاء، وعلى ذلک یجب أن یکون الإمساک مقروناً بالمعروف، وعندئذ لو طلب بعد الرجوع ما آتاها من قبل، لا یعدّ أمراً منکراً غیر معروف، إذ لیس إضراراً.
وهذا بخلاف التسریح فلا یکفی ذلک، بل یلزم أن یکون مقروناً بالإحسان إلیها فلا یطلب منها ما آتاها من الأموال. ولأجل ذلک یقول تعالى: ( ولا یَحِلُّ لَکُمْ أن تأخذوا ممّا آتَیْتُمُوهُنّ شیئاً ) أی لا یحلّ فی مطلق الطلاق استرداد ما آتیتموهنّ من المهر، إلاّ إذا کان الطلاق خلعاً فعندئذ لا جناح علیها فیما افتدت به نفسها من زوجها.
وقوله سبحانه: ( فیما افْتَدَتْ بِهِ ) دلیل على وجود النفره من الزوجه فتخاف أن لا تقیم حدود الله فتفتدی بالمهر وغیره لتخلّص نفسها.
۴ـ لم یکن فی الجاهلیه للطلاق ولا للمراجعه فی العده، حدّ ولا عدّ، فکان الأزواج یتلاعبون بزوجاتهم یضارّوهنّ بالطلاق والرجوع ما شاءوا، فجاء الإسلام بنظام دقیق وحدّد الطلاق بمرّتین، فإذا تجاوز عنه وبلغ الثالث تحرم علیه حتى تنکح زوجاً غیره.
روى الترمذی: کان الناس، والرجل یُطلِّق امرأته ما شاء أن یطلّقها، وهی امرأته إذا ارتجعها وهی فی العدّه، وإن طلّقها مائه مرّه أو أکثر ، حتى قال رجل لامرأته: والله لا أُطلقک فتبینی منّی، ولا آویک أبداً، قالت: وکیف ذلک؟ قال: أُطلّقک فکلّما همَّت عدّتک أن تنقضی راجعتک، فذهبت المرأه فأخبرت النبی فسکت حتى نزل القرآن: ( الطّلاقُ مَرَّتان … ) ( [۷۷۰]).
۵ـ اختلفوا فی تفسیر قوله سبحانه: ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساکٌ بِمَعْرُوف أو تَسْریحٌ بِإِحْسان ) إلى قولین:
ألف: إنّ الطلاق یکون مرّتین، وفی کلّ مرّه إمّا إمساک بمعروف أو تسریح بإحسان، والرجل مخیّـر بعد إیقاع الطلقه الأُولى بین أن یرجع فیما اختار من الفراق فیمسک زوجته ویعاشرها بإحسان، وبین أن یدع زوجته فی عدّتها من غیر رجعه حتى تبلغ أجلها وتنقضی عدّتها.
وهذا القول هو الذی نقله الطبری عن السدی والضحاک فذهبا إلى أنّ معنى الکلام: الطلاق مرتان فإمساک فی کلّ واحده منهما لهنّ بمعروف أو تسریح لهنّ بإحسان، وقال: هذا مذهب ممّا یحتمله ظاهر التنزیل لولا الخبر الذی رواه إسماعیل بن سمیع عن أبی رزین. ( [۷۷۱])
یلاحظ علیه: أنّ هذا التفسیر ینافیه تخلّل الفاء بین قوله: ( مرّتان ) وقوله ( إمساک بمعروف ) فهو یفید أنّ القیام بأحد الأمرین بعد تحقّق المرّتین، لا فی أثنائهما. وعلیه لابدّ أن یکون کل من الإمساک والتسریح أمراً متحقّقاً بعد المرّتین، ومشیراً إلى أمر وراء التطلیقتین.
نعم یستفاد لزوم القیام بأحد الأمرین بعد کلّ تطلیقه، من آیه أُخرى أعنی قوله سبحانه: ( وَ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَ لا تُمْسِکُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ) ( [۷۷۲]) .
ولأجل الحذر عن تکرار المعنى الواحد فی المقام یفسّـر قوله: ( فَإِمْسَاکٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسَان ) بوجه آخر سیوافیک.
ب ـ أنّ الزوج بعد ما طلّق زوجته مرّتین، یجب أن یتفکّر فی أمر زوجته أکثر ممّا مضى، فیقف أن لیس له بعد التطلیقتین إلاّ أحد الأمرین: إمّا الإمساک بمعروف وإدامه العیش معها، أو التسریح بإحسان بالتطلیق الثالث الذی لارجوع بعده أبداً، إلاّ فی ظرف خاص.
فیکون قوله تعالى: ( أو تَسْرِیحٌ بِإِحْسان ) إشاره إلى التطلیق الثالث الذی لا رجوع فیه ویکون التسریح متحقّقاً به. وهنا سؤالان أثارهما الجصاص فی تفسیره:
۱ـ کیف یفسّـر قوله: ( أو تَسْرِیحٌ بِإِحْسَان ) بالتطلیق الثالث. مع أنّ المراد من قوله فی الآیه المتأخّره ( أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بإِحْسان ) هو ترک الرجعه، وهکذا المراد من قوله ( فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فأمْسِکُوهُنَّ بِمعَروف أو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف ) ( [۷۷۳]) هو ترکها حتى ینتهی أجلها، ومعلوم أنّه لم یرد من قوله: ( أو سَرِّحُوهُنَّ بمعروف ) أو قوله: ( أو فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف ) : طلّقوهنّ واحده أُخرى. (۲)
یلاحظ علیه: أنّ السؤال أو الإشکال ناشئ من خلط المفهوم بالمصداق، فاللفظ فی کلا الموردین مستعمل فی السرح والإطلاق، غیر أنّه یتحقّق فی مورد بالطلاق، وفی آخر بترک الرجعه ، وهذا لا یعد تفکیکاً فی معنى لفظ واحد فی موردین، ومصداقه فی الآیه ۲۲۹ هو الطلاق، وفی الآیه ۲۳۱ هو ترک الرجعه، والاختلاف فی المصداق لا یوجب اختلافاً فی المفهوم.
۲ـ إنّ التطلیقه الثالثه مذکوره فی نسق الخطاب بعده فی قوله تعالى: ( فَإِنْ طلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعدُ حَتَّى تَنْکِحَ زَوْجْاً غَیْرَه ) وعندئذ یجب حمل قوله تعالى: ( أو تسریحٌ بإحسان ) المتقدم علیه على فائده مجدّده وهی وقوع البینونه بالاثنین( [۷۷۴]) بعد انقضاء العدّه.
وأیضاً لو کان التسریح بإحسان هو الثالثه لوجب أن یکون قوله تعالى:
( فإن طلّقها ) عقیب ذلک هی الرابعه، لأنّ الفاء للتعقیب قد اقتضى طلاقاً مستقلاًّ بعد ما تقدم ذکره. (۲)
والإجابه عنه واضحه، لأنّه لا مانع من الإجمال أوّلاً ثمّ التفصیل ثانیاً، فقوله تعالى: ( فإن طلّقها ) بیان تفصیلی للتسریح بعد البیان الإجمالی، والتفصیل مشتمل على ما لم یشتمل علیه الإجمال من تحریمها علیه حتى تنکح زوجاً غیره. فلو طلّقها الزوج الثانی عن اختیاره فلا جناح علیهما أن یتراجعا بالعقد الجدید إن ظنّا أن یُقیما حدود الله، فأین هذه التفاصیل من قوله: ( أو تسریح بإحسان ) ؟
وبذلک یعلم أنّه لا یلزم أن یکون قوله: ( فإن طلّقها ) طلاقاً رابعاً.
وقد روى الطبری عن أبی رزین أنّه قال: أتى النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) رجل فقال: یا رسول الله أرأیت قوله: ( الطلاق مرّتان فإمساک بمعروف أو تسریح بإحسان ) فأین الثالثه؟ قال رسول الله: ( إمساک بمعروف أو تسریح بإحسان ) هی الثالثه.( [۷۷۵])
نعم الخبر موقوف ولیس أبو رزین الأسدی صحابیاً بل تابعی.
لکن تضافرت الروایات عن أئمّه أهل البیت (علیهم السلام) أنّ المراد من قوله: ( أو تسریح بإحسان ) هی التطلیقه الثالثه. ( [۷۷۶])
إلى هنا تمّ تفسیر الآیه وظهر أنّ المعنى الثانی لتخلّل لفظ «الفاء» أظهر بل هو المتعیّـن بالنظـر إلى روایات أئمّه أهل البیت (علیهم السلام) .
بقی الکلام فی دلاله الآیه على بطلان الطلاق ثلاثاً بمعنى عدم وقوعه بقید الثلاث، وأمّا وقوع واحده منها فهو أمر آخر، فنقول:
الاستدلال على بطلان الطلاق ثلاثاً :
إذا تعرّفت على مفاد الآیه، فاعلم أنّ الکتاب والسنّه یدلاّن على بطلان الطلاق ثلاثاً، وأنّه یجب أن یکون الطلاق واحده بعد الأُخرى، یتخلّل بینهما رجوع أو نکاح، فلو طلّق ثلاثاً مرّه واحده. أو کرّر الصیغه فلا یقع الثلاث. وأمّا احتسابها طلاقاً واحداً ، فهو وإن کان حقّاً، لکنّه خارج عن موضوع بحثنا، وإلیک الاستدلال عن طریق الکتاب أوّلاً والسنّه ثانیاً:
أوّلاً: الاستدلال عن طریق الکتاب:
۱ـ قوله سبحانه: ( فَإِمْسَاکٌ بِمَعْرُوف أوْ تسْرِیحٌ بِإِحْسَان ) .
تقدّم أنّ فی تفسیر هذه الفقره من الآیه قولین مختلفین، والمفسّـرون بین من یجعلونها ناظره إلى الفقره المتقدّمه، أعنی قوله : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ… ) ومن یجعلونها ناظره إلى التطلیق الثالث الذی جاء فی الآیه التالیه، وقد عرفت ما هو الحق، فتلک الفقره تدل على بطلان الطلاق ثلاثاً على کلا التقدیرین.
أمّا على التقدیر الأوّل، فواضح لأنّ معناها أنّ کلّ مرّه من المرّتین یجب أن یتبعها أحد أمرین: إمساک بمعروف، أو تسریح بإحسان.
قال ابن کثیر: أی إذا طلّقتها واحده أو اثنتین، فأنت مخیّـر فیها ما دامت عدّتها باقیه، بین أن تردّها إلیک ناویاً الإصلاح والإحسان وبین أن تترکها حتى تنقضی عدتها، فتبین منک، وتطلق سراحها محسناً إلیها لا تظلمها من حقّها شیئاً ولا تضارّ بها. ( [۷۷۷]) وأین هذا من الطلاق ثلاثاً بلا تخلّل واحد من الأمرین ـ الإمساک أو ترکها حتى ینقضی أجلها ـ سواء طلّقها بلفظ: أنت طالق ثلاثاً، أو: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.
وأمّا على التقدیر الثانی، فإنّ تلک الفقره وإن کانت ناظره لحال الطلاق الثالث، وساکته عن حال الطلاقین الأوّلین، لکن قلنا إنّ بعض الآیات، تدل على أنّ مضمونها من خصیصه مطلق الطلاق، من غیر فرق بین الأولین والثالث فالمطلِّق یجب أن یُتبعَ طلاقه بأحد أمرین:
۱ـ الإمساک بمعروف.
۲ـ التسریح بإحسان.
فعدم دلاله الآیه الأُولى على خصیصه الطلاقین الأوّلین، لا ینافی استفادتها من الآیتین الماضیتین ( [۷۷۸]). ولعلّهما تصلحان قرینه لإلقاء الخصوصیه من ظاهر الفقره ( فإمساک بمعروف أو تسریح بإحسان ) وإرجاع مضمونها إلى مطلق الطلاق، ولأجل ذلک قلنا بدلاله الفقره على لزوم اتباع مطلق الطلاق بأحد الأمرین على کلا التقدیرین، وعلى أی حال فسواء کان عنصر الدلاله نفس الفقره أو غیرها ـ کما ذکرنا ـ فالمحصّل من المجموع هو کون اتباع الطلاق بأحد أمرین من لوازم طبیعه الطلاق الذی یصلح للرجوع.
ویظـهر ذلک بوضوح إذا وقفنا على أنّ قوله: ( فبلغن أجلهنّ ) من القیود الغالبیه، وإلاّ فالواجب منذ أن یطلّق زوجته، هو القیام بأحد الأمرین، لکن تخصیصه بزمن خاص وهو بلوغ آجالهن، إنّما هو لأجل أنّ المطلّق الطاغی علیه غضبه وغیظه، لا تنطفئ سوره غضبه فوراً حتى تمضی علیه مدّه من الزمن تصلح فیها، لأن یتفکّر فی أمر زوجته ویخاطَب بأحد الأمرین، وإلاّ فطبیعه الحکم الشرعی ( فإمساک بمعروف أو تسریح بإحسان ) تقتضی أن یکون حکماً سائداً على جمیع الأزمنه من لدن أن یتفوّه بصیغه الطلاق إلى آخر لحظه تنتهی معها العدّه.
وعلى ضوء ما ذکرنا تدلّ الفقره على بطلان الطلاق الثلاث وأنّه یخالف الکیفیه المشروعه فی الطلاق، غیر أنّ دلالتها على القول الأوّل بنفسها، وعلى القول الثانی بمعونه الآیات الأُخر.
۲ـ قوله سبحانه: ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ )
إنّ قوله سبحانه: ( الطلاق مرّتان ) : ظاهر فی لزوم وقوعه مرّه بعد أُخرى لا دفعه واحده وإلاّ یصیر مرّه ودفعه، ولأجل ذلک عبّـر سبحانه بلفظ «المرّه» لیدلّ على کیفیه الفعل وانّه الواحد منه، کما أنّ الدفعه والکرّه والنزله، مثل المرّه، وزناً ومعنىً واعتباراً.
وعلى ما ذکرنا فلو قال المطلِّق: أنت طالق ثلاثاً، لم یطلِّق زوجته مره بعد أُخرى، ولم یطلّق مرّتین، بل هو طلاق واحد، وأمّا قوله «ثلاثاً» فلا یصیر سبباً لتکرّره، وتشهد بذلک فروع فقهیه لم یقل أحد من الفقهاء فیها بالتکرار بضم عدد فوق الواحد. مثلاً اعتبر فی اللعان شهادات أربع، فلا تجزی عنها شهاده واحده مشفوعه بقوله «أربعا». وفصول الأذان المأخذوه فیها التثنیه، لا یتأتّى التکرار فیها بقراءه واحده وإردافها بقوله «مرتین» ولو حلف فی القسامه وقال: «أُقسم بالله خمسین یمیناً أنّ هذا قاتله» کان هذا یمیناً واحداً. ولو قال المقرّ بالزنا: «أنا أُقرّ أربع مرّات أنّی زنیت» کان إقراراً واحداً، ویحتاج إلى إقرارات، إلى غیر ذلک من الموارد التی لا یکفی فیها العدد عن التکرار.
قال الجصاص: ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) ، وذلک یقتضی التفریق لا محاله، لأنّه لو طلّق اثنتین معاً لما جاز أن یقال: طلّقها مرّتین، وکذلک لو دفع رجل إلى آخر درهمین لم یجز أن یقال: أعطاه مرتین، حتى یفرق الدفع، فحینئذ یطلق علیه، وإذا کان هذا هکذا، فلو کان الحکم المقصود باللفظ هو ما تعلّق بالتطلیقتین من بقاء الرجعه لأدّى ذلک إلى إسقاط فائده ذکر المرّتین، إذ کان هذا الحکم ثابتاً فی المره الواحده إذا طلّق اثنتین، فثبت بذلک أنّ ذکر المرتین إنّما هو أمر بإیقاعه مرتین، ونهى عن الجمع بینهما فی مرّه واحده.( [۷۷۹])
هذا کلّه إذا عبّـر عن التطلیق ثلاثاً بصیغه واحده، أمّا إذا کرّر الصیغه کما عرفت، فربّما یغتر به البسطاء ویزعمون أنّ تکرار الصیغه ینطبق على الآیه، لکنّه مردود من جهه أُخرى وهی:
أنّ الصیغه الثانیه والثالثه تقعان باطلتین لعدم الموضوع للطلاق، فإنّ الطلاق إنّما هو لقطع علقه الزوجیه، فلا زوجیه بعد الصیغه الأُولى حتى تقطع، ولا رابطه قانونیه حتى تصرم، وبعباره واضحه: إنّ الطلاق هو أن یقطع الزوج علقه الزوجیّه بینه وبین امرأته ویطلق سراحها من قیدها، وهو لا یتحقّق بدون وجود تلک العلقه الاعتباریه الاجتماعیه، ومن المعلوم أنّ المطلّقه لا تطلق، والمسرَّحه لا تسرح.
فلا یحصل بهذا النحو من التطلیقات الثلاث، العدد الخاص الذی هو الموضوع للآیه التالیه، أعنی قوله سبحانه: ( فإَِنْ طلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ حَتّى تَنْکِحَ زَوْجاً غَیْرَه ) ، وکیف لا یکون کذلک، وقد قال (صلى الله علیه وآله وسلم) : «لا طلاق إلاّ بعد نکاح»، وقال: «ولا طلاق قبل نکاح». ( [780])
فتعدّد الطلاق رهن تخلّل عقده الزواج بین الطلاقین، ولو بالرجوع، وإذا لم تتخلّل یکون التکلّم أشبه بالتکلّم بکلام لغو.
قال السمّاک: إنّما النکاح عقده تعقد، والطلاق یحلّها، وکیف تُحل عقده قبل أن تعقد؟! ( [۷۸۱]).
۳ـ قوله سبحانه: ( فَطَلّقُوهُنّ لِعِدَّتِهِنَّ )
إنّ قوله سبحانه: ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) وارد فی الطلاق الذی یجوز فیه الرجوع( [۷۸۲])، ومن جانب آخر دلّ قوله سبحانه: ( وإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فطلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّهَ ) ( [۷۸۳]) ، على أنّ الواجب فی حقّ هؤلاء هو الاعتداد وإحصاء العدّه، من غیر فرق بین أن نقول إنّ «اللام» فی ( عدّتهنّ ) للظرفیه بمعنى «فی عدّتهنّ» أو بمعنى الغایه، والمراد لغایه أن یعتددن، إذ على کلّ تقدیر یدلّ على أنّ من خصائص الطلاق الذی یجوز فیه الرجوع، هو الاعتداد وإحصاء العدّه، وهو لا یتحقّق إلاّ بفصل الأوّل عن الثانی، وإلاّ یکون الطلاق الأوّل بلا عدّه وإحصاء لو طلّق اثنتین مرّه. ولو طلّق ثلاثاً یکون الأوّل والثانی کذلک.
وقد استدلّ بعض أئمّه أهل البیت (علیهم السلام) بهذه الآیه على بطلان الطلاق الثلاث.
روى صفوان الجمّـال عن أبی عبد الله (علیه السلام) : أنّ رجلاً قال له: إنّی طلّقت امرأتی ثلاثاً فی مجلس واحد؟ قال: لیس بشیء، ثمّ قال: أما تقرأ کتاب الله: ( یاأیُّها النَّبِیُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنّ لِعِدَّتِهِنَّ ـ إلى قوله سبحانه: ـ لَعَلَّ الله یُحدِثُ بَعْدَ ذلکَ أمراً ) ثمّ قال: کلّ ما خالف کتاب الله والسنّه فهو یرد إلى کتاب الله والسنّه. ( [۷۸۴])
أضف إلى ذلک: أنّه لو صحّ التطلیق ثلاثاً فلا یبقى لقوله سبحانه: ( لعلَّ الله یُحدِثُ بَعْدَ ذلک أمراً ) لأنّه یکون بائناً ویبلغ الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، ولا تحل العقده إلاّ بنکاح رجل آخر وطلاقه مع أنّ الظاهر أنّ المقصود حلّ المشکل من طریق الرجوع أو العقد ثانیاً فی العدّه.
ثانیاً: الاستدلال عن طریق السنّه:
قد تعرّفت على قضاء الکتاب فی المسأله، وأمّا حکم السنّه، فهی تعرب عن أنّ الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) کان یعد الطلاق ثلاثاً فی مجلس واحد لعباً بالکتاب.
۱ـ أخرج النسائی عن محمود بن لبید قال: أُخبر رسول الله عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطلیقات جمیعاً، فقام غضبان ثم قال: أیلعب بکتاب الله وأنا بین أظهرکم؟ حتى قام رجل وقال: یا رسول الله ألا أقتله؟ ( [۷۸۵]) . إنّ محمود بن لبید صحابی صغیر وله سماع، روى أحمد باسناد صحیح عنه قال: أتانا رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) فصلّى بنا المغرب فی مسجدنا فلمّا سلّم منها … ( [۷۸۶]).
ولو سلمنا عدم سماعه کما یدّعیه ابن حجر فی فتح الباری ( [۷۸۷]) فهو صحابی ومراسیل الصحابه حجه بلا کلام عند الفقهاء، أخذاً بعدالتهم أجمعین.
۲ـ روى ابن إسحاق عن عکرمه عن ابن عباس قال: طلّق رکانه زوجته ثلاثاً فی مجلس واحد فحزن علیها حزناً شدیداً، فسأله رسول الله: کیف طلّقتها؟ قال: طلقتها ثلاثاً فی مجلس واحد. قال: إنّما تلک طلقه واحده فارتجعها.( [۷۸۸])
والسائل هو رکانه بن عبد یزید، روى الإمام أحمد باسناد صحیح عن ابن عباس قال: طلّق رکانه بن عبد یزید أخو بنی مطلب امرأته ثلاثاً فی مجلس واحد فحزن علیها حزناً شدیداً قال: فسأله رسول الله: کیف طلّقتها؟ قال: طلّقتها ثلاثاً. قال: فقال: فی مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنّما تلک واحده فأرجعها إن شئت. قال: فأرجعها، فکان ابن عباس یرى إنّما الطلاق عند کلّ طهر.( [۷۸۹])
الاجتهاد مقابل النص:
التحق النبیّ الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) بالرفیق الأعلى وقد حدث بین المسلمین اتّجاهان مختلفان، وصراعان فکریان، فعلیّ (علیه السلام) و من تبعه من أئمّه أهل البیت (علیهم السلام) ، کانوا یحاولون التعرّف على الحکم الشرعی من خلال النصّ آیه وروایه، ولا یعملون برأیهم أصلاً، وفی مقابلهم لفیف من الصحابه یستخدمون رأیهم للتعرّف على الحکم الشرعی من خلال التعرّف على المصلحه ووضع الحکم وفق متطلّباتها.
إنّ استخدام الرأی فیما لا نصّ فیه، ووضع الحکم وفق المصلحه أمر قابل للبحث والنقاش، إنّما الکلام فی استخدامه فیما فیه نص، فالطائفه الثانیه کانت تستخدم رأیها تجاه النص، لا فی خصوص ما لا نصّ فیه من کتاب أو سنّه بل حتى فیما لو کان هناک نصّ ودلاله.
یقول أحمد أمین المصری: ظهر لی أنّ عمر بن الخطاب کان یستعمل الرأی فی أوسع من المعنى الذی ذکرناه، وذلک أنّ ما ذکرناه هو استعمال الرأی حیث لا نصّ من کتاب ولا سنّه، ولکنّا نرى الخلیفه سار أبعد من ذلک، فکان یجتهد فی تعرّف المصلحه التی لأجلها نزلت الآیه أو ورد الحدیث، ثمّ یسترشد بتلک المصلحه فی أحکامه، وهو أقرب شیء إلى ما یعبّـر عنه الآن بالاسترشاد بروح القانون لا بحرفیته. ( [۷۹۰])
إنّ الاسترشاد بروح القانون الذی أشار إلیه أحمد أمین أمر، ونبذ النص والعمل بالرأی أمر آخر، ولکن الطائفه الثانیه کانوا ینبذون النص ویعملون بالرأی، وما روی عن الخلیفه فی هذه المسأله، من هذا القبیل. وإن کنت فی ریب من ذلک فنحن نتلو علیک ما وقفنا علیه:
۱ـ روى مسلم عن ابن عباس، قال: کان الطلاق على عهد رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) وأبی بکر وسنتین من خلافه عمر: طلاق الثلاث واحده، فقال عمر بن الخطاب: إنّ الناس قد استعجلوا فی أمر قد کانت لهم فیه أناه، فلو أمضیناه علیهم، فأمضاه علیهم .( [۷۹۱])
۲ـ وروى عن ابن طاووس عن أبیه: أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم انّما کانت الثلاث تجعل واحده على عهد النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) وأبی بکر وثلاثاً من (خلافه) عمر؟ فقال: نعم. ( [۷۹۲])
۳ـ وروى أیضاً: أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتک، ألم یکن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله وأبی بکر واحده؟ قال: قد کان ذلک فلمّـا کان فی عهد عمر تتابع الناس فی الطلاق فأجازه علیهم .( [۷۹۳])
۴ـ روى البیهقی، قال: کان أبو الصهباء کثیر السؤال لابن عباس، قال: أما علمت أنّ الرجل کان إذا طلّق امرأته ثلاثاً قبل أن یدخل بها، جعلوها واحده على عهد النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) وأبی بکر وصدراً من إماره عمر، فلمّا رأى الناس قد تتابعوا فیها، قال: أجیزوهن علیهم. ( [۷۹۴])
۵ـ أخرج الطحاوی من طریق ابن عباس أنّه قال: لمّا کان زمن عمر ، قال: یا أیّها الناس قد کان لکم فی الطلاق أناه، وإنّه من تعجل أناه الله فی الطلاق ألزمناه إیاه. ( [۷۹۵])
۶ـ عن طاووس قال: قال عمر بن الخطاب: قد کان لکم فی الطلاق أناه فاستعجلتم أناتکم وقد أجزنا علیکم ما استعجلتم من ذلک .( [۷۹۶])
۷ـ عن الحسن: أنّ عمر بن الخطاب کتب إلى أبی موسى الأشعری: لقد هممت أن أجعل إذا طلّق الرجل امرأته ثلاثاً فی مجلس أن أجعلها واحده، ولکنّ أقواماً جعلوا على أنفسهم، فألزِمُ کلّ نفس ما ألزَمَ نفسه. من قال لامرأته: أنت علیَّ حرام، فهی حرام، ومن قال لامرأته: أنت بائنه، فهی بائنه، ومن قال: أنت طالق ثلاثاً، فهی ثلاث .( [۷۹۷])
هذه النصوص تدلّ على أنّ عمل الخلیفه لم یکن من الاجتهاد فیما لا نصّ فیه ولا أخذاً بروح القانون الذی یعبّـر عنه بتنقیح المناط وإسراء الحکم الشرعی إلى المواضع التی تشارک المنصوصَ فی المناط، کما إذا قال: الخمر حرام، فیسری حکمه إلى کلّ مسکر أخذاً بروح القانون وهو أنّ علّه التحریم هی الإسکار الموجود فی المنصوص وغیر المنصوص، وإنّما کان عمله من نوع ثالث وهو الاجتهاد تجاه النص ونبذ الدلیل الشرعی، والسیر وراء رأیه وفکره وتشخیصه، وقد ذکروا هنا: وجوهاً لیبرّروا بها عمل الخلیفه و إلیک بیانها.
تبریرات لحکم الخلیفه:
لمّا کان الحکم الصادر عن الخلیفه یضاد نصّ القرآن أو ظاهره، حاول بعض المحقّقین تبریر عمل الخلیفه ببعض الوجوه حتّى یبرّر حکمه ویصحّحه ویخرجه عن مجال الاجتهاد تجاه النص بل یکون صادراً عن دلیل شرعی، وإلیک بیانها:
۱ـ نسخ الکتاب بالإجماع الکاشف عن النص:
إنّ الطلاق الوارد فی الکتاب منسوخ، فإن قلت: ما وجه هذا النسخ وعمر لا ینسخ، وکیف یکون النسخ بعد النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) ؟ قلت: لمّا خاطب عمر الصحابه بذلک فلم یقع إنکار، صار إجماعاً ، والنسخ بالإجماع جوّزه بعض مشایخنا، بطریق أنّ الإجماع موجب علم الیقین کالنص فیجوز أن یثبت النسخ به، والإجماع فی کونه حجّه أقوى من الخبر المشهور.
فإن قلت: هذا إجماع على النسخ من تلقاء أنفسهم فلا یجوز ذلک فی حقّهم.
قلت: یحتمل أن یکون ظهر لهم نص أوجب النسخ ولم ینقل إلینا. ( [۷۹۸])
یلاحظ علیه أوّلاً: أنّ المسأله یوم أفتى بها الخلیفه، کانت ذات قولین بین نفس الصحابه، فکیف انعقد الإجماع على قول واحد، وقد عرفت الأقوال فی صدر المسأله. ولأجل ذلک نرى البعض الآخر ینفی انعقاد الإجماع البته ویقول: وقد أجمع الصحابه إلى السنه الثانیه من خلافه عمر على أنّ الثلاث بلفظ واحد، واحده ولم ینقض هذا الإجماع بخلافه، بل لا یزال فی الأُمّه من یفتی به قرناً بعد قرن إلى یومنا هذا. ( [۷۹۹])
وثانیاً: أنّ هذا البیان یخالف ما برّر به الخلیفه عمله حیث قال: إنّ الناس قد استعجلوا فی أمر کانت لهم فیه أناه، فلو أمضیناه علیهم فأمضاه علیهم» ، ولو کان هناک نص عند الخلیفه، لکان التبریر به هو المتعیّـن.
وفی الختام نقول: أین ما ذکره صاحب العمده ممّا ذکره الشیخ صالح بن محمد العمری (المتوفّى ۱۲۹۸ هـ) حیث قال: إنّ المعروف عند الصحابه والتابعین لهم باحسان إلى یوم الدین، وعند سائر العلماء المسلمین: أنّ حکم الحاکم المجتهد إذا خالف نصّ کتاب الله تعالى أو سنّه رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) وجب نقضه ومنع نفوذه، ولا یعارض نصّ الکتاب والسنّه بالاحتمالات العقلیّه والخیالات النفسیه، والعصبیّه الشیطانیه بأن یقال: لعلّ هذا المجتهد قد اطّلع على هذا النصّ وترکه لعلّه ظهرت له، أو أنّه اطّلع على دلیل آخر، ونحو هذا ممّا لهج به فرق الفقهاء المتعصّبین وأطبق علیه جهله المقلّدین.( [۸۰۰])
۲ـ تعزیرهم على ما تعدّوا به حدود الله:
لم یکن الهدف من تنفیذ الطلاق ثلاثاً فی مجلس، إلاّ عقابهم من جنس عملهم، وتعزیرهم على ما تعدّوا حدود الله به، فاستشار أُولی الرأی، وأُولی الأمر وقال: إنّ الناس قد استعجلوا فی أمر کانت لهم فیه أناه فلو أمضیناه علیهم؟ فلمّـا وافقوه على ما اعتزم، أمضاه علیهم وقال: أیّها الناس قد کانت لکم فی الطلاق أناه وأنّه من تعجّل أناه الله ألزمناه إیّاه. ( [۸۰۱])
لم أجد نصّاً فیما فحصت فی مشاوره عمر أُولی الرأی وأُولی الأمر، غیر ما کتبه إلى أبی موسى الأشعری بقوله: «لقد هممت أن أجعل إذا طلّق الرجل امرأته ثلاثاً فی مجلس أن أجعلها واحده …». ( [802]) وهو یخبر عن عزمه وهمّه ولا یستشیره، ولو کانت هنا استشاره کان علیه أن یستشیر الصحابه من المهاجرین والأنصار القاطنین فی المدینه وعلى رأسهم علی بن أبی طالب، وقد کان یستشیره فی مواقف خطیره ویقتفی رأیه.
ولا یکون استعجال الناس، مبرّراً لمخالفه الکتاب والسنّه بل کان علیه ردع الناس عن عملهم السیّئ بقوّه ومنعه، وکیف تصحّ مؤاخذتهم بما أسماه رسول الله لعباً بکتاب الله. ( [۸۰۳])
یقول ابن القیم: إنّ هذا القول قد دلّ علیه الکتاب والسنّه والقیاس والإجماع القدیم، ولم یأت بعده إجماع یبطله ولکن رأى أمیر المؤمنین عمر أنّ الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وکثر منهم إیقاعه جمله واحده، فرأى من المصلحه عقوبتهم بإمضائه علیهم لیعلموا أنّ أحدهم إذا أوقعه جمله بانت منه المرأه، وحرمت علیه، حتى تنکح زوجاً غیره نکاح رغبه، یراد للدوام لا نکاح تحلیل، فإذا علموا ذلک کفّوا عن الطلاق المحرَّم، فرأى عمر أنّ هذا مصلحه لهم فی زمانه، ورأى أنّ ما کانوا علیه فی عهد النبیّ وعهد الصدیق، وصدراً من خلافته کان الألیق بهم، لأنّهم لم یتابعوا فیه وکانوا یتّقون الله فی الطلاق، وقد جعل الله لکلّ من اتّقاه مخرجاً، فلمّـا ترکوا تقوى الله وتلاعبوا بکتاب الله وطلّقوا على غیر ما شرّعه الله ألزمهم بما التزموه عقوبه لهم فإنّ الله شرّع الطلاق مرّه بعد مرّه، ولم یشرّعه کلّه مرّه واحده .( [۸۰۴])
یلاحظ علیه: أنّ ما ذکره من التبریر لعمل الخلیفه غیر صحیح، إذ لو کانت المصالح المؤقته مبرره لتغیّـر الحکم فما معنى «حلال محمد حلال إلى یوم القیامه وحرامه حرام إلى یوم القیامه» ولو صحّ ما ذکره لتسرّب التغیّـر إلى أرکان الشریعه، فیصبح الإسلام العوبه بید الساسه، فیأتی سائس فیحرِّم الصوم على العمّال لتقویه القوه العامله فی المعامل.
وفی الختام نذکر تنبّه بعض علماء أهل السنّه فی هذه العصور بما فی تنفیذ هذا النوع من الطلاق من آثار سلبیه على المجتمع ، ولأجل ذلک تغیّـر قانون محاکم مصر الشرعیه وخالف مذهب الحنفیه بعد استقلالها وتحرّرها عن سلطنه الدوله العثمانیه.
ویا للأسف أنّ کثیراً من مفتی أهل السنّه أصرّوا على تنفیذ هذا النوع من الطلاق، ولأجل ذلک یقول مؤلّف المنار بعد البحث الضافی حول المسأله: «لیس المراد مجادله المقلّدین أو إرجاع القضاه والمفتین عن مذاهبهم، فإنّ أکثرهم یطّلع على هذه النصوص فی کتب الحدیث وغیرها ولا یبالی بهما، لأنّ العمل عندهم على أقوال کتبهم دون کتاب الله وسنّه رسوله.( [۸۰۵])
إذا طلّق ثلاثاً هل تقع واحده منها أو لا؟
إذا طلّق زوجته و فسر الطلقه باثنین أو ثلاث لم یقع فوق الواحده، وهو من ضروریات مذهب أهل البیت (علیهم السلام) ، خلافاً للعامه، وقد اتفقوا على وقوعه کذلک إلا من عرفتهم.
إنّما الکلام فی وقوع الواحد وعدمه، فذهب ابن أبی عقیل والسید المرتضى وسلاّر وابن حمزه ویحیى بن سعید إلى عدم الوقوع. قال ابن أبی عقیل:«لو طلقها ثلاثاً بلفظ واحد وهی طاهر لم یقع علیها شیء».( [806]) وقال السید المرتضى: ومما انفردت به الإمامیه القول: بأنّ الطلاق الثلاث بلفظ واحد لایقع، وباقی الفقهاء یخالفون فی ذلک. ـ والظاهر أنّ مراده بطلان الطلاق مطلقاً، ولأجل ذلک قال بعد هذا الکلام ـ وحکی عن محمد بن إسحاق أنّ الطلاق الثلاث یُردّ إلى واحده.( [۸۰۷])
وقال سلاّر : فی شروط الطلاق« وأن یتلفّظ بالطلاق موحداً». (2)
وقال ابن حمزه فی تفسیر الطلاق البدعی «وهو الطلاق المعلق بشرط، وإیقاع الطلاق ثلاثاً بلفظه واحده ولایقع کلاهما، وقال بعض أصحابنا تقع واحده من ثلاث». (3)
وقال ابن سعید فی شرائط صحه الطلاق: «وأن یتلفظ به موحداً فإن خالف لم یقع ، وقیل یقع واحده».( [808])
نعم قال الشیخ فی النهایه إنّه یقع طلقه واحده «ومن شرائط الطلاق العامه أن یُطَّلقها تطلیقه واحده. فإن طلّقها أکثر من ذلک ثنتین أو ثلاثاً أو ما زاد علیه، لم یقع أکثر من واحده». (5)
وقال فی المبسوط: «ولو قال أنت طالق أکثر الطلاق عدداً أو أکثر الطلاق: کان عندنا مثل الأولى سواء، وعندهم تطلق بالثلاث لأنّ أقلّه واحده وأکثره ثلاث، فإن قال أکمل الطلاق وقعت واحده عندنا…».( [809])
وقال فی الخلاف: إذا طلقها ثلاثاً بلفظ واحد کان مبدعاً ووقعت واحده عند تکامل الشروط عند أکثر أصحابنا، وفیهم من قال: لایقع شیء أصلاً وبه قال علی ـ علیه الصلاهو السلام ـ وأهل الظاهر، وحکى الطحاوی عن محمد بن إسحاق أنّه قال: تقع واحده کما قلناه، وروى أنّ ابن عباس وطاووساً کان یذهب إلى ما یقوله الإمامیه. (۷)
وقال ابن البراج: إذا قال لها:«أنتِ طالق اثنین» وقعت طلقه فی الحال، بقوله أنت طالق إذا نوى الفرقه، وما عدا ذلک لغو.( [۸۱۰])
وإلى ذلک ذهب العلاّمه فی المختلف: «انّ المقتضى للواحده ثابت والمانع لایصلح للمانعیه فیثبت الحکم، أمّا وجود المقتضی فهو لفظ الطلاق وقوله أنت طالق، للإجماع على سببیّته مع وجود شرائطه والتقدیر حصول ذلک وأمّا عدم صلاحیه المعارض للمانعیه فلأنّه لیس إلاّ قوله ثلاثاً وهو غیر معارض لأنّه مؤکد لکثره الطلاق وإیقاعه، وتکثیر سبب البینونه، والواحده موجوده فی الثلاثه لترکبها عنها وعن وحدتین أُخرتین ولامنافاه بین الکل وجزئه فیکون المقتضی وهو الجزء خالیاً عن المعارض».( [811])
یلاحظ علیه: بأنّ الموجود فی ضمن الثلاث هو الواحد لابشرط والمطلوب هو الواحد بشرط لا، فکیف یمکن أن یقال إنّ الواحده موجوده فی الثلاثه لترکبها عنها وعن وحدتین أُخرتین.
وإن شئت قلت: إنّ المنشأ هو الطلاق بشرط شیء أی طلاقاً مقیداً بطلاقین آخرین والمصحَّح هو الطلاق بشرط لا، فکیف یصح؟ فیکون من قبیل ما قصد لم یقع وما حکم بوقوعه لم یقصد. والأولى الاستدلال علیه عن طریق الروایات کما أشار إلیه فی ذیل کلامه فنقول: إنّ هنا طوائف من الروایات:
الطائفه الأُولى: ما یدل بالصراحه على وقوع الواحده:
۱ـ صحیحه الحلبی عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: الطلاق ثلاثاً فی غیر عدّه إن کانت على طهر فواحده، وإن لم تکن على طهر فلیس بشیء.( [۸۱۲])
۲ـ صحیحه زراره عن أحدهما (علیهما السلام) قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً فی مجلس واحد وهی طاهر قال: هی واحده.( [۸۱۳])
۳ـ ما رواه شهاب بن عبد ربه، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث قال: قلت: فطلقها ثلاثاً فی مقعد قال: تردّ إلى السنه فإذا مضت ثلاثه أشهر أو ثلاثه قروء فقد بانت منه بواحده.( [۸۱۴])
وهذه الروایات مع کثرتها ووجود الصحاح وغیرها بینها تشرف الفقیه على القطع بعدم ورودها تقیه، وإنّما وردت لبیان الواقع . أضف إلى ذلک انّ فی بعضها قرینه واضحه على صدورها لبیان الواقع.
الطائفه الثانیه: ما یدل على البطلان من رأس وعدم وقوع شیء حتى الواحده:
وهی بین صریح مطلق ومفصل وقابل للتأویل وإلیک بیانها:
الصریح المطلق
فأمّا الصریح المطلق فمنه ما یدل على أنّ المطلقه ثلاثاً من ذوات الأزواج مثل ما روى عمر بن حنظله عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إیّاکم والمطلّقات ثلاثاً فی مجلس واحد فإنّهن ذوات أزواج».( [815])
ومثل ما رواه حفص بن البختری، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إیاکم والمطلّقات ثلاثاً فإنّهنَّ ذوات أزواج».( [816])
وقال أمیر المؤمنین (علیه السلام) : «اتقوا تزویج المطلّقات ثلاثاً فی موضع واحد فإنّهنّ ذوات أزواج».( [817])
ومثله روایه هارون بن خارجه عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال قلت: إنّی ابتلیت فطلقت أهلی ثلاثاً فی دفعه فسألت أصحابنا فقالوا لیس بشیء وانّ المرأه قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله (علیه السلام) ، فقال: «ارجع إلى أهلک فلیس علیک شیء. ( [۸۱۸])
وقریب منه مکاتبه عبد الله بن محمد إلى أبی الحسن (علیه السلام) فکتب إلیه: انّه روى أصحابنا عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی الرجل یطلق امرأته ثلاثاً بکلمه واحده على طهر بغیر جماع بشاهدین أنّه تلزمه تطلیقه واحده فوقع بخطّه: أخطأ على أبی عبد الله (علیه السلام) انّه لایلزم الطلاق ویردّ إلى الکتاب والسنه إن شاء الله».( [819])
الصریح المفصل
أی ما یفصل بین الموافق والمخالف فیصح منه لامن الموافق مثل ما روى إبراهیم بن محمد الهمدانی قال: کتبت إلى أبی جعفر الثانی (علیه السلام) مع بعض أصحابنا فأتانی الجواب بخطّه: فهمت ما ذکرت من أمر ابنتک وزوجها ـ إلى أن قال ـ ومن حنثه بطلاقها غیر مرّه فانظر فإن کان ممّن یتولانا ویقول بقولنا فلاطلاق علیه، لأنّه لم یأت أمراً جهله، وإن کان ممّن لایتولانا ولایقول بقولنا فاختلعها منه فإنّه إنّما نوى الفراق بعینه.( [۸۲۰])
وما روى عبد الله العلوی عن أبیه قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن تزویج المطلّقات ثلاثاً فقال لی: «إنّ طلاقکم «الثلاث» لایحلّ لغیرکم، وطلاقهم یحلّ لکم لأنّکم لاترون الثلاث شیئاً وهم یوجبونها».( [821])
وروى عبد الله بن طاووس قال: قلت لأبی الحسن الرضا (علیه السلام) : إنّ لی ابن أخ زوّجته ابنتی وهو یشرب الشراب ویکثر ذکر الطلاق فقال: «إن کان من إخوانک فلاشیء علیه، وإن کان من هؤلاء فأبنها منه فإنّه عنى الفراق».( [822])
ما یقبل التأویل
روى الحسن بن زیاد الصیقل قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) : «لا تشهد لمن طلق ثلاثاً فی مجلس واحد».( [823]) فإنّ النهی عن عدم الشهاده لایلازم القول بالبطلان لإمکان کون نفس تقبّل الشهاده حراماً لکون الطلاق بدعیاً، لأنّ السنّه هو التفریـق.
روى صفوان الجمال، عن أبی عبد الله (علیه السلام) أنّ رجلاً قال له: إنّی طلّقت امرأتی ثلاثاً فی مجلس، قال: «لیس بشیء، ثم قال: أما تقرأ کتاب الله : ( یا أیُّها النبی إذا طلّقتم النساء فطلّقوهنّ لعدتهنّ ) إلى قوله : ( لعل الله یحدث بعد ذلک أمراً ) ثم قال: کلما خالف الکتاب والسنّه فهو یردّ إلى کتاب الله والسنّه».( [824]) ولعلّ المراد هو بطلان الثلاث لا الواحد، کما سیوافیک فی الطائفه الثالثه.
الطائفه الثالثه: ما یدلّ على الإجمال
ما هو مجمل فی مفاده حیث اکتفى بلزوم الرد على الکتاب والسنّه ولم یبین ما هو مفاده، مثل ما رواه الکلبی النسّابه عن الصادق (علیه السلام) … فقلت: فرجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثاً؟ فقال: «تردّ إلى کتاب الله وسنّه نبیّه».( [825])
ومثله مکاتبه عبد الله بن محمد إلى أبی الحسن (علیه السلام) روى أصحابنا عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی الرجل یطلق امرأته ثلاثاً بکلمه واحده على طهر بغیر جماع بشاهدین أنّه یلزمه تطلیقه واحده، فوقّع بخطّه أخطأ على أبی عبد الله (علیه السلام) أنّه لایلزم الطلاق ویردّ إلى الکتاب والسنّه إن شاء الله .( [۸۲۶])
ولکن یفسرها مارواه أبو محمد الوابشی عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی رجل ولّى امرأته رجلاً وأمره أن یطلّقها على السنَّه فطلقها ثلاثاً فی مقعد واحد قال: «یردّ إلى السنه فإذا مضت ثلاثه أشهر أو ثلاثه قروء فقد بانت بواحده».( [827])
ومثله روایه إسماعیل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) وهو یقول: «طلق عبد الله بن عمر امرأته ثلاثاً فجعلها رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) واحده فردها إلى الکتاب والسنّه».( [828]) ویمکن رفع التعارض بوجهین:
وحاصل الجمع الأوّل هو التفریق بین تکریر الصیغه و عدمه فتقع الواحده فی المتکرر دون الآخر، وحاصل الجمع الثانی حمل ما دلّ على الفساد على عدم وقوع الثلاثه ، لا واحده و إلیک البیان:
الأوّل: ربما یجمع بحمل ما دل على وقوع تطلیقه واحده على صوره تکریر الصیغه کأن یقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وحمل ما دل على البطلان من رأس على ما إذا طلق ثلاثاً بکلمه واحده.
ویؤیده: انّ التعبیر الوارد فی أکثر الروایات الداله على وقوع الواحده، هو قوله: عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً فی مجلس واحد أو مجلس، أو قریب منه.( [۸۲۹]) والمتبادر من قوله: طلّق ثلاثاً فی مجلس واحد و قد جاء فیه وقوع الواحده،( [۸۳۰]) هو تکریر الصیغه، إذ لایقال لمن قال سبحان الله عشراً أنّه سبّح الله عشراً إلاّ إذا کرر التسبیح عشراً.
وأمّا ما ورد فی بعض الروایات الداله على البطلان کروایه أبی بصیر عن أبی عبد الله (علیه السلام) من طلّق ثلاثاً فی مجلس فلیس بشیء، من خالف کتاب الله ردّ إلى کتاب الله عزّ وجلّ، وذکر طلاق ابن عمر. فالبطلان فیها لأجل وقوعه فی غیر طهر بشهاده ذکر طلاق ابن عمر، فإنّه طلق وهی حائض.( [۸۳۱])فتأمل.
وأمّا ما رواه صفوان الجمال عن أبی عبد الله (علیه السلام) أنّ رجلاً قال له: إنّی طلقت امرأتی ثلاثاً فی مجلس، قال: لیس بشیء، ثم قال أما تقرأ کتاب الله: ( یاأیُّها النبیّ إذا طلّقتم النساء فطلّقوهنَّ لعدتهنَّ ) إلى قوله : ( لعلّ الله یحدث بعد ذلک أمراً ) ثم قال: کلّما خالف کتاب الله والسنّه فهو یردّ إلى کتاب الله والسنّه.( [۸۳۲]) فهو غیر صریح فی البطلان المطلق، بل الظاهر عدم وقوع الثلاث وانقطاع العصمه حتى تنکح زوجاً غیره بشهاده قوله: ( لعلّ الله یحدث بعد ذلک أمراً ) والمقصود لعلّ الزوج یندم من فعله ویرجع عن طلاقه فهو من أدلّه وقوع الواحده دون غیره.
ومثله أیضاً ما رواه هارون بن خارجه عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: قلت إنّی ابتلیت فطلّقت أهلی ثلاثاً فی دفعه فسألت أصحابنا فقالوا: لیس بشیء وانّ المرأه قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله (علیه السلام) ؟ فقال: «ارجع إلى أهلک فلیس علیک شیء»( [833]) فإنّه أیضاً محمول على عدم وقوع الثلاث لا الواحده، والمراد من الرجوع إلى الأهل، هو الرجوع عن طلاقه.
فعلى ضوء هذا البیان فما دل على الصحه صریح أو محمول على وقوع الطلقات مترتبه.
وأمّا ما دلّ على البطلان فصریح أو محمول على الطلاق بکلمه واحده مثل روایه إسحاق بن عمار الصیرفی، عن جعفر، عن أبیه (علیهما السلام) ، أنّ علیاً (علیه السلام) کان یقول: «إذا طلّق الرجل المرأه قبل أن یدخل بها ثلاثاً فی کلمه واحده فقد بانت منه ولامیراث بینهما ولارجعه ولاتحلّ له حتى تنکح زوجاً غیره، وإن قال: هی طالق هی طالق هی طالق فقد بانت منه بالأولى، وهو خاطب من الخطّاب إن شاءت نکحته نکاحاً جدیداً، وإن شاءت لم تفعل».( [834]) وصدره محمول على التقیّه إذ هو مخالف للقولین (عدم الوقوع بتاتاً أو وقوع الواحده منها) ولو کان الحکم فیه کالصوره الأخیره لکان المتجّه الجواب عنهما بجواب واحد وهو وقوع الطلاق إذ الحکم فی الصورتین متحد عند العامه.
ومثلها مکاتبه عبد الله بن محمد إلى أبی الحسن (علیه السلام) روى أصحابنا عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی الرجل یطلّق امرأته ثلاثاً بکلمه واحده على طهر بغیر جماع بشاهدین أنّه یلزمه تطلیقه واحده، فوقّع بخطّه: «أخطأ على أبی عبد الله (علیه السلام) إنّه لایلزم الطلاق ویردّ إلى الکتاب والسنّه إن شاء الله». ( [835])
نعم، ومع ذلک کلّه فالجزم بهذا الجمع مشکل، إذ من المستبعد أن یکون مورد السؤال هو تکریر الصیغه، إذ لیس هناک منشأ لتوهم بطلان الطلاق الأوّل فیه حتى یکون منشأ للسؤال، وهذا یوجب أن یکون مورد السؤال والجواب غیر هذه الصوره.
ویمکن دفعه بصراحه بعض الروایات فی کون السؤال والجواب هو تکریر الصیغه وعدمه کما هو الحال فی روایه الصیرفی وستوافیک.
الثانی: حمل ما دلّ على الفساد على عدم وقوع الثلاثه سواء کرّر الصیغه أم لم یکررها، وهذا الوجه یتحمّله بعض الروایات کما فی روایه حسن بن زیاد الصیقل قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام) لاتشهد لمن طلّق ثلاثاً فی مجلس واحد.( [۸۳۶]) فیحمل على أنّه لایجوز أن یشهد بالثلاث، بل یشهد بالواحده.
وأمّا ما ورد فی روایه عمر بن حنظله عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «إیّاکم والمطلقات ثلاثاً فی مجلس واحد فإنّهنّ ذوات أزواج»( [837]) فمحمول على وقوعه فی الحیض حیث إنّ الطلاق ثلاثاً فی مجلس واحد، من شعار العامه وهم لا یشترطون الطهر، أو محمول على ما إذا کان الطلاق معلّقاً على شرط فإنّهم کانوا یطلّقون أزواجهم ثلاثاً معلّقاً على الشرط فیقول لزوجته لو کلمت فلاناً فأنت طالق ثلاثاً، ومثله روایه حفص بن البختری( [۸۳۸]) إشکالاً وجواباً.
وعلى ضوء ذلک یحمل قوله«بکلمه واحده» فی بعض الروایات على مجلس واحد، سواء کرّر الصیغه أم لم یکرّر، ولا ینافیه إلاّ روایه إسحاق بن عمار الصیرفی، أنّ علیّاً (علیه السلام) کان یقول: «إذا طلّق الرجل المرأه قبل أن یدخل بها ثلاثاً فی کلمه واحده فقد بانت منه ولامیراث بینهما ولا رجعه ولا تحلّ له حتى تنکح زوجاً غیره. وإن قال: هی طالق هی طالق هی طالق فقد بانت منه بالأولى، وهو خاطب من الخطّاب إن شاءت نکحته نکاحاً جدیداً، وإن شاءت لم تفعل».( [839])
إذا کان المطلّق معتقداً بصحه الطلاق ثلاثاً
هذا إذا کان المطلّق غیر معتقد بصحه الطلاق ثلاثاً فقد عرفت الاتفاق على عدم وقوع الثلاث، وإنّما الاختلاف فی وقوع الواحد وعدمه، وأمّا إذا کان المطلّق معتقداً کما هو حال المخالف فهل یصح للقائل بالبطلان ترتیب أثر الصحه أولا؟
ظاهر الروایات المستفیضه هو الأوّل أخذاً بمعتقده. وهذا ما یعبر عنه بقاعده الإلزام، وقد فرّق شیخنا الحر العاملی روایات القاعده فی أجزاء کتابه.( [۸۴۰])
۱ـ قال الرضا (علیه السلام) : «من کان یدین بدین قوم لزمته أحکامهم».( [841])
۲ـ روى عبد الأعلى، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الرجل یطلّق امرأته ثلاثاً قال: «إن کان مستخفّاً بالطلاق ألزمته ذلک».( [842])
۳ـ روى أبو العباس البقباق قال: دخلت على أبی عبد الله (علیه السلام) فقال لی «ارو عنّی أن من طلّق امرأته ثلاثاً فی مجلس واحد فقد بانت منه». (4) و هذا محمول على کون المطلِّق معتقداً بالصحه.
ولا فرق بین کون المطلّقه عارفه أم لا وتدل علیه: روایه إبراهیم بن محمد الهمدانی قال: کتبت إلى أبی جعفر الثانی (علیه السلام) مع بعض أصحابه فأتانی الجواب بخطّه: «فهمت ما ذکرت من أمر ابنتک وزوجها ـ إلى أن قال ـ ومن حنثه بطلاقها غیر مره فانظر فإن کان ممّن یتولاّنا ویقول بقولنا فلا طلاق علیه لأنّه لم یأت أمراً جهله، وإن کان ممّن لا یتولاّنا ولا یقول بقولنا فاختعلها منه فإنّه إنّما نوى الفراق بعینه».( [843])
إنّما الکلام فی ما إذا کان الزوج عارفاً والزوجه مخالفه فطلقها ثلاثاً، فإذا رفعت أمرها إلى القاضی فلامناص عن الحکم بالمذهب الحق، ورد الزوجه إلى زوجها إذا رجع و کانت فی عدتها، وأمّا إذا خرجت عن عدتها، وقلنا بوقوع الواحده فلا طریق للزوج علیها فیجوز للغیر التزویج منها.
[۷۲۷] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۱٫
[۷۲۸] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۴٫
[۷۲۹] . السرائر: ۲ / ۷۳۷ ، کتاب الطلاق.
[۷۳۰] . المسالک :۲/۵۰٫ ۲ . جامع المدارک:۴/۵۶۳٫
[۷۳۱] . الحدائق: ۲۵ / ۴۸۸٫
[۷۳۲] . تحریر الوسیله: ۲ / ۳۴۲ . ۲ . الحج: ۷۸٫
[۷۳۳] . جامع المدارک :۴/۵۶۷٫
[۷۳۴] . الحدائق:۲۵/۴۹۰٫
[۷۳۵] . الوسائل: ج ۱۷، الباب ۶ من أبواب میراث الخنثى، الحدیث۹٫
[۷۳۶] . الوسائل: ج ۱۷، الباب۶ من أبواب میراث الخنثى ، الحدیث ۵ .
[۷۳۷] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث۱٫
[۷۳۸] . الوسائل: ج ۱۴، الباب ۴۴ من أبواب ما یحرم بالمصاهره، الحدیث ۲٫
[۷۳۹] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳ من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۴٫
[۷۴۰] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳ من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۵٫
[۷۴۱] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳، من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۴٫
[۷۴۲] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳، من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث۵٫
[۷۴۳] . المقنع: ۱۱۹، باب الطلاق. ۲ . السرائر: ۲ / ۷۳۷ ، کتاب الطلاق.
[۷۴۴] . الوسیله:۳۲۴، کتاب العدّه. ۴ . المبسوط:۵/۲۷۸، کتاب العدد.
[۷۴۵] . النهایه: ۵۳۸٫
[۷۴۶] . الخلاف:۳/۶۱المسأله ۳۴، کتاب العدّه.
[۷۴۷] . المهذب:۲/۳۳۸٫
[۷۴۸] . شرائع الإسلام: ۳ / ۳۹، کتاب الطلاق، فی عده الوفاه.
[۷۴۹] . المختلف: ۸ / ۴۱۴، کتاب الطلاق.
[۷۵۰] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۱٫
[۷۵۱] . الوسائل: ج ۱۴، البا ب۴۴من أبواب ما یحرم بالمصاهره، الحدیث ۱٫
[۷۵۲] . الوسائل: ج ۱۴، البا ب۴۴من أبواب ما یحرم بالمصاهره، الحدیث ۱٫
[۷۵۳] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳ من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۱٫
[۷۵۴] . الوسائل: ج ۱۴، الباب ۴۴ من أبواب ما یحرم بالمصاهره، الحدیث ۲٫
[۷۵۵] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳ من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث۱٫
[۷۵۶] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۳۶ من أبواب العدد، الحدیث ۳٫
[۷۵۷] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۳۶ من أبواب العدد، الحدیث ۵٫
[۷۵۸] . الجواهر :۳۲/۳۰۰٫
[۷۵۹] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۳من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۱٫
[۷۶۰] . الوسائل: ج ۱۷، الباب ۱۳من أبواب میراث الأزواج.
[۷۶۱] . الوسائل: ج ۱۵، الباب۲۳من أبواب أقسام الطلاق، الحدیث ۱٫
[۷۶۲] . المبسوط:۵/۲۶۷٫
[۷۶۳] . بدایه المجتهد: ۲/۶۲ ، ط بیروت.
[۷۶۴] . الخلاف: ۴ / ۴۵۰، کتاب الطلاق ، المسأله ۳٫ وعلى ما ذکره، نقل عن الإمام علیّ رأیان متناقضان، عدم الوقوع، والوقوع مع الإثم.
[۷۶۵] . المغنی: ۷/۴۱۶٫
[۷۶۶] . الفقه على المذاهب الأربعه: ۴/۳۴۱٫
[۷۶۷] . البقره: ۲۲۸٫
[۷۶۸] . البقره: ۲۲۹٫ ۲ . البقره: ۲۳۰٫
[۷۶۹] . البقره: ۲۳۱٫
[۷۷۰] . سنن الترمذی: ۲ / ۳۳۱، کتاب الطلاق، الباب ۱۶، الحدیث ۱۲۰۴٫
[۷۷۱] . تفسیر الطبری: ۲ / ۲۷۸ وسیوافیک خبر أبی رزین.
[۷۷۲] . البقره: ۲۳۱ وجاء أیضاً فی سوره الطلاق الآیه رقم ۲ : ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف ) .
[۷۷۳] . الطلاق: ۲٫ ۲ . أحکام القرآن : ۱/۳۸۹٫
[۷۷۴] . الأولى أن یقول: بکل طلاق حسب سیاق کلامه. ۲ . أحکام القرآن: ۱ / ۳۸۹٫
[۷۷۵] . تفسیر الطبری: ۲ / ۲۷۸٫
[۷۷۶] . البرهان: ۱/۲۲۱، وقد نقل روایات ست فی ذیل الآیه.
[۷۷۷] . تفسیر ابن کثیر: ۱ / ۵۳٫
[۷۷۸] . الآیه ۲۳۱ من سوره البقره والآیه ۲ من سوره الطلاق.
[۷۷۹] . أحکام القرآن: ۱/۳۷۸٫
[۷۸۰] . السنن الکبرى: ۷/۳۱۸ ـ ۳۲۱; مستدرک الحاکم: ۲/۲۴٫
[۷۸۱] . السنن الکبرى: ۷/۳۱۸٫
[۷۸۲] . فخرج الطلاق البائن کطلاق غیر المدخوله، وطلاق الیائسه من المحیض الطاعنه فی السن وغیرهما.
[۷۸۳] . الطلاق: ۱ .
[۷۸۴] . قرب الاسناد : ۳۰، ورواه الحر العاملی فی وسائل الشیعه: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق ، الحدیث ۲۵٫
[۷۸۵] . سنن النسائی: ۶/۱۴۲; الدر المنثور: ۱/۲۸۳٫
[۷۸۶] . مسند أحمد : ۵/۴۲۷٫
[۷۸۷] . فتح الباری: ۹/۳۱۵، ومع ذلک قال: رجاله ثقات، وقـال فی کتابه الآخر بلـوغ المرام ۲۲۴ : رواته موثّقون، ونقل الشوکانی فی نیل الأوطار: ۷/۱۱، عن ابن کثیر أنّه قال: اسناده جید، أُنظر «نظام الطلاق فی الإسلام» للقاضی أحمد محمد شاکر: ۳۷٫
[۷۸۸] . بدایه المجتهد: ۲/۶۱٫ ورواه آخرون کابن القیم فی إغاثه اللهفان: ۱۵۶، والسیوطی فی الدر المنثور: ۱/۲۷۹، وغیرهم.
[۷۸۹] . مسند أحمد : ۱ / ۲۶۵٫
[۷۹۰] . فجر الإسلام : ۲۳۸، نشر دار الکتاب.
[۷۹۱] . صحیح مسلم: ۴ / ۱۸۳ ، باب الطلاق الثلاث، الحدیث ۱٫
[۷۹۲] . صحیح مسلم: ۴ / ۱۸۳ ، باب الطلاق الثلاث، الحدیث ۲ .
[۷۹۳] . صحیح مسلم : ۴ / ۱۸۳، باب الطلاق الثلاث، الحدیث ۳٫ التتابع: بمعنى الإکثار من الشر.
[۷۹۴] . سنن البیهقی: ۷ / ۳۳۹; الدر المنثور: ۱/۲۷۹٫
[۷۹۵] . عمده القارئ: ۹ / ۵۳۷، وقال: اسناده صحیح.
[۷۹۶] . کنز العمال: ۹/۶۷۶، برقم ۲۷۹۴۳٫
[۷۹۷] . کنز العمال: ۹/۶۷۶، برقم ۲۷۹۴۴٫
[۷۹۸] . عمده القارئ: ۹/۵۳۷٫
[۷۹۹] . تیسیر الوصول: ۳/۱۶۲٫
[۸۰۰] . إیقاظ همم أُولی الأبصار : ۹٫
[۸۰۱] . مسند أحمد : ۱/۳۱۴، برقم ۲۸۷۷٫ وقد مرّ تخریج الحدیث أیضاً، لاحظ نظام الطلاق فی الإسلام لأحمد محمد شاکر: ۷۹٫
[۸۰۲] . کنز العمال : ۹/۶۷۶، برقم ۲۷۹۴۴٫
[۸۰۳] . الدر المنثور : ۱/۲۸۳٫
[۸۰۴] . اعلام الموقعین : ۳/۳۶٫
[۸۰۵] . تفسیر المنار: ۲/۳۸۶، الطبعه الثالثه ـ ۱۳۷۶ هـ .
[۸۰۶] . المختلف: ۷ / ۳۵۳، کتاب الطلاق.
[۸۰۷] . الانتصار: ۱۳۴٫ ۲٫ المراسم:۱۶۱٫ ۳ . الوسیله:۳۲۲٫
[۸۰۸] . الجامع للشرائع:۴۶۵٫ ۵ . النهایه:۵۱۲٫
[۸۰۹] . المبسوط :۵/۱۳٫ ۷ . الخلاف: ۴ / ۴۵۰، المسأله ۳، کتاب الطلاق.
[۸۱۰] . المهذب :۲/۲۷۹٫
[۸۱۱] . المختلف: ۷ / ۳۵۳، کتاب الطلاق.
[۸۱۲] . الوسائل: ج ۱۵، الباب۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱٫
[۸۱۳] . الوسائل: ج ۱۵، الباب۲۹من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۲ .
[۸۱۴] . الوسائل: ج ۱۵، الباب۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۴٫ وبهذا المضمون الحدیث: ۳و۷و۱۱ و۱۲و۱۳و۱۴و۱۶و ۲۸و۳۰ من هذا الباب.
[۸۱۵] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۲۰٫
[۸۱۶] . الوسائل : ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث۲۱٫
[۸۱۷] . الوسائل : ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث۲۴٫
[۸۱۸] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق ، الحدیث ۲۹٫
[۸۱۹] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۹ .
[۸۲۰] . الوسائل : ج ۱۵، الباب ۳۰ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱٫
[۸۲۱] . الوسائل : ج ۱۵، الباب ۳۰ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۹ .
[۸۲۲] . الوسائل : ج ۱۵، الباب ۳۰ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۱٫ و لاحظ ذیل الحدیث الأخیر.
[۸۲۳] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۷٫
[۸۲۴] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۲۵٫
[۸۲۵] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۵ .
[۸۲۶] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۹٫ ذکر المکاتبه فی المقام أیضاً لتردد قوله: « إنّه لا یلزم الطلاق» بین البطلان المطلق أو بطلان الثلاث، فلاحظ.
[۸۲۷] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث۱۳٫
[۸۲۸] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۸٫
[۸۲۹] . لاحظ الوسائل : ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدّمات الطلاق، الحدیث: ۲ و۳ و۸ و۹ و۱۰ و۱۴ و۲۵ و۲۷ و۲۹٫
[۸۳۰] . نفس المصدر، لاحظ الروایات التالیه: ۲و۳و۱۱و۱۳و۱۴وصدره محمول على التقیهو۱۶و۱۸و۲۶ و۲۸٫
[۸۳۱] . نفس المصدر: لاحظ الحدیث ۸ و ۹ و ۱۰٫
[۸۳۲] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۲۵٫
[۸۳۳] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۲۹٫
[۸۳۴] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۵٫
[۸۳۵] . الوسائل: ج ۱۵ ، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۹٫
[۸۳۶] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۷٫
[۸۳۷] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث۲۰٫
[۸۳۸] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۲۱٫
[۸۳۹] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۲۹ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۵٫
[۸۴۰] . لاحظ الوسائل: ج ۱۷، الباب۴ من أبواب میراث الاخوه والأجداد، الحدیث ۲و۳و۴و۵٫
[۸۴۱] . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۳۰ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۱۰ .
[۸۴۲] و ۴ . الوسائل: ج ۱۵، الباب ۳۰ من أبواب مقدمات الطلاق، الحدیث ۷ و ۸٫ وبهذا المضمون الحدیث ۱۱ من نفس الباب .
[۸۴۳] . لاحظ الوسائل: ج ۱۵، الباب ۳۰ من أبواب مقدمات الطلاق، الأحادیث ۱و۳و۴و۵ .