دور الإمام الباقر (علیه السلام) فی بناء الجماعه الصالحه

0

الإمام الباقر (علیه السلام) وبناء الشخصیه الإسلامیه المتکامله تعدد الأدوار ووحده الهدف:
بعد وفاه النبی الأکرم (صلَّى الله علیه وآله وسلَّم) انتقل الدور إلى الأئمه المعصومین الاثنی عشر لقـــیاده هذه الأمه والمجتمع الإسلامی.
ویقسّم الشهید الصدر حیاه الأئمه (علیهم السلام) وأدوارهم فی المجتمع الإسلامی إلى مراحل ثلاث:
ـ المرحله الأُولى: وهی مرحله تفادی الانحراف وصدمته بعد وفاه رسول اللّه (ص) ، فقاموا بالتحصینات اللازمه وحافظوا على الرساله الإسلامیه بقدر الإمکان.
ـ المرحله الثانیه: مرحله بناء الجماعه الصالحه الشاعره بکل حدود وأبعاد المفهوم الإسلامی ، هذا العمل مارسه الإمام الباقر (علیه السلام) على مستوى القمه ، واستمر إلى زمن الصادق والکاظم (علیهما السلام).
ـ المرحله الثالثه: لم تُحدَّد من قبل الأئمه (علیه السلام) أنفسهم ، بل حدَّدها بشکل بارز ، موقف الحکم المنحرف من الأئمه ، بعد أن بدا للخلفاء أنّ قیاده أهل البیت (علیه السلام) أصبحت على مستوى تسلُّم زمام الحکم ، والعود بالمجتمع الإسلامی إلى حظیره الإسلام.
المنهج الصحیح للتفکیر له تأثیر فی إیجاد التقدُّم أو الانحطاط:
المنهج الذی اتبعه الإمام الباقر (علیه السلام) اهتمَّ ببناء الجماعه الصالحه الواعیه ، عن طریق تفجیر الحرکه الفکریه والثقافیه ، وتقدُّم النهضه العلمیه ؛ لأنّ المعرفه والفهم الدقیق لِمَا یعتقده الإنسان ، هو الذی یُحدِّد قیمته.
وبدراستنا للمنهج الذی اتبعه الإمام الباقر (علیه السلام) ، والتعرُّف على النماذج والوجوه التی تخرَّجت من مدرسته الفکریه ، والنتائج التی تمخَّضتْ عن هذا المنهج ، یمکننا أن نخرج الیوم بأطروحهٍ ومنهجٍ یمکن اتباعه لبناء جیلٍ واعٍ ، قویٍ صلبٍ ، محبٍّ لله ، یُدرک عقیدته ویمکنه أن یُحدث التغییرات الصحیحه فی مجتمعه وأُمَّته.
من هو الإمام الباقر (علیه السلام):
ولادته و نشأته هو أول امتزاج لأطهر عنصرین ؛ ففیه التقت شخصیتا الإمامین الحسن المجتبى والحسین الشهید (علیهما السلام) . من خلال الأب ، وهو الإمام زین العابدین (علیه السلام) ، والأُمّ السیده الزکیه فاطمه بنت الإمام الحسن ، وتُکنَّى أُمّ عبد الله ، وکانت من سیِّدات نساء بنی هاشم ، یقول فیها الإمام أبو عبد الله الصادق (علیه السلام): (کانت صدِّیقه ، لم تدرک فی آل الحسن مثلها).
وُلِد فی یثرب ، یوم الجمعه ، الثالث من شهر صفر ، سنه ( ۵۶ هـ ) . وقیل: سنه ( ۵۷ هـ ) فی غره رجب . سمَّاه جدُّه رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) بمحمّد ، ولقّبه بالباقر قبل أن یُولد بعشرات السنین ، مبشِّراً من وراء الغیب بما سیقوم به سبطه ، من نشر العلم وإذاعته بین الناس ، کما حمل له تحیَّاته على ید الصحابی الجلیل جابر بن عبد الله الأنصاری.
کنیته : أبو جعفر.
وألقابه کثیره ، منها: الشبیه ؛ لأنّه کان یشبه جدَّه رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) , الأمین ، الشاکر , الهادی ، والباقر ، وهو أشهر ألقابه . ویکاد یُجمع المؤرِّخون والمترجمون للإمام ، على أنّه إنّما لُقِّب بالباقر لأنّه بَقَر العلم ، أی شقَّه ، وتوسَّع فیه ، فعَرَف أصلَه وعَلِم خفیَّه.
ملامح العصر الذی عاش فیه الإمام الباقر (علیه السلام):
عاش الإمام الباقر فی الفتره من ۵۷ ـ ۱۱۴ هـ ، فی زمنِ استیلاء الأمویین على السلطه ، وبسط نفوذهم بالقوه والمکر ، وکل أشکال الانحرافات الأخرى.
لقد سعوا بکل الوسائل والأسالیب لتشیید مُلکهم العضوض ، وجعْلِه کالطود الهائل الذی تتکسر على جوانبه کل حرکات الإصلاح وثورات التغییر . طود ظاهره الدین والحکم باسم الإسلام ، وباطنه الفسق والفجور والانحلال . لقد سعوا للقضاء على العلم ، وإشاعه الجهل والأفکار الضاله والمنحرفه ، والتضییق على منارات العلم ، بل القضاء على أصوات الحق کلَّما ارتفعت لتفضح جوْرَهُم وظلمهم ، فشاع فی زمنهم کل أنواع الانحرافات.
وتتلخَّص أسالیبهم فی الأمور التالیه:
ـ تحریف العقیده ؛ بإضفاء صبغه الشرعیه الدینیه على حکم بنی أمیه ، باختلاق الأحادیث المکذوبه ، وتفسیر الآیات بروایات مدسوسه بفضائلهم ، وأنَّهم مختارون من قبل الله عزّ وجلّ . فاحْتَمُوا بذلک ، وعصموا مُلکهم من التعرُّض للانهیار على أیدی المطالبین بالعوده إلى القرآن وسُنَّه الرسول.
ذکر الواقدی أنَّ معاویه خاطب أهل الشام ـ أثناء رجوعه بعد تنازل الحسن ـ ، فقال: أیُّها الناس ، إنّ رسول الله قال: (إنَّک ستلی الخلافه من بعدی ، فاختر الأرض المقدَّسه) وقد اخترتُکم ، فالعنوا أبا تراب ، فلعنوه ، فلمَّا کان من الغد ، کتب کتاباً ثمَّ جمعهم فقرأه علیهم.
وفیه: هذا کتاب کتبه أمیر المؤمنین معاویه ، صاحب وحی الله الذی بعث محمداً نبیاً ، وکان أمیّاً لا یقرأ ولا یکتب ، فاصطفى له من أهله وزیراًً ، وکاتباً أمینا ، فکان الوحی ینزل على محمد، وأنا أکتبه ، وهو لا یعلم ما أکتب . فلم یکن بینی وبین الله أحد من خلقه.
فقال له الحاضرون کلُّهم: صدقت یا أمیر المؤمنین.
سُبّ الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام) على المنابر حتى تولَّى الخلافه عمر بن عبد العزیز ، فأبطل هذه السُنّه التی سنّها معاویه ومَن حکم بعده.
وذکر الطبری أنّ معاویه بذل لسمره بن جندب مئه ألف درهم حتى یروی أنّ هذه الآیه أُنزلت فی علی: (وَمِنَ النَّاسِ مَن یُعْجِبُکَ قَوْلُهُ فِی الْحَیَاهِ الدُّنْیَا وَیُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِی قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِی الأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیِهَا وَیُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ یُحِبُّ
الفَسَادَ) ، وأنّ الآیه الثانیه نزلت فی ابن ملجم ، وهی قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) ، فلم یقبل . فبذل له مئتی ألف درهم ، فلم یقبل . فبذل له أربعمئه ألف ، فقبله وروى ذلک.
ـ هدموا مبدأ الخلافه‌ فی‌ الإسلام‌ ، فلم‌ تقم‌ لها من‌ بعده‌ إلى الیوم‌ قائمه ‌، وحوَّلوه إلى مُلک عضوض یتوارثه الأبناء عن الآباء.
ـ أشغلوا الناس بالفتوحات ظاهراً ، وفی الحقیقه هی وسیله للتخلُّص من المناوئین ، ومصدر للاستیلاء على ثروات هذه البلاد.
ـ تبذیر لأموال المسلمین وصرفها فی غیر مواضعها المشروعه ، فأغدقوا العطایا والمناصب على الوصولیین الانتهازیین.
ـ حوَّلوا نشاط الوعَّاظ والخطباء إلى وعظ الرعایا المسلمین ، وحثهم على التذرُّع بالصبر ، والطاعه والخضوع للأوضاع السیاسیه القائمه.
ـ بثّوا العقائد الباطله کالجبر والتفویض والإرجاء خدمهً لسلطانهم ; لأنّ هذه المفاهیم تستطیع أن تجعل الأمه مستسلمه للحکام الطغاه ، ما دامت تُبررّ طغیانهم وعصیانهم لأوامر الله ورسوله.
ـ وأشاعوا بین المسلمین روح التعصّب ، فقرّبوا العرب ، وأبعدوا غیر العرب . وأثاروا الشعوبیه ، فمزّقوا بذلک وحده الصف الإسلامی.
ـ حبسوا الحقوق عن مستحقیها ، خاصه سهم ذوی القربى عن بنی هاشم ؛ إمعاناً فی إضعافهم ، وإبعاد الناس عنهم . ثمَّ حرّفوا وبدّلوا ، فقالوا: إنَّما ذوی القربى قرابهَ الخلیفه منه . وأنَّ لا قرابه لرسول الله یرثونه ، إلاَّ أولاد أمیه .. وحتى صعد الحجّاج بن یوسف یوماً أعواد منبره ، وقال على رؤوس الأشهاد: أرسولک أفضل أم خلیفتک ؟ یعرض بأنّ عبد الملک بن مروان أفضل من رسول الله.
ـ انتشار وشیوع الانحراف الأخلاقی والاجتماعی فی أوساط الأمه ، بدءً من بیوت حکّام بنی أمیه ، حیث اشتهر یزید بن معاویه بفسقه ، وشرب الخمر ، واللعب بالکلاب ، والقرود ، ومروان بن الحکم أیضاً فاحشاً بذیئاً ، کما کان أولاده وأحفاده على شاکلته.
ـ ابتعادهم عن الدین والعقیده تماماً ، کأنّ الدین والقرآن والعبادات حکراً على الطبقه الفقیره والمحرومه ؛ للصبر على ما هم فیه ، حتى إن مَن یُذکِّرهم بالله ، یکون مصیره القتل.
حجّ عبد الملک بن مروان بالناس فی عام ( ۷۵ هـ ) فقال : (لست بالخلیفه المستضْعَف (یعنی عثمان) ، ولا بالخلیفه المُداهِن (یعنی معاویه) ، ولا بالخلیفه المأفون (یعنی یزید) ، ألا وإنّی لا أُداری هذه الأمه إلاّ بالسیف حتى تستقیم لی قناتکم.. والله ، لا یأمرنی أحد بتقوى الله ـ بعد مقالی هذا ـ إلاَّ ضربتُ عنقه ، ثمَّ نزل).
ـ القضاء على خصومهم بأشد أنواع التنکیل والقتل ؛ تحت ذریعه الخروج على الخلیفه ، والزندقه . فمِن واقعه الطف ، فالحره واستباحه المدینه المنوره ، بل امتد القتل والتنکیل إلى الجمیع ، ولو بالاشتباه لانتمائه وحبه لأمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام).
(استدعى معاویه بسر بن أبی أرطاه ـ وکان بسر قاسی القلب ، فظَّاً ، سفَّاکاً للدماء ، لا رأفه عنده ولا رحمه ـ فأمره أن یأخذ طریق الحجاز والمدینه ومکه ، حتى ینتهی إلى الیمن . وقال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعه علی ، إلاَّ بسطت علیهم لسانک حتى یروا أنّهم لا نجاه لهم ، وأنّهم محیط بهم . ثمَّ اکْفُفْ عنهم وادعهم إلى البیعه . فمَن أبى ، فاقتله . واقتل شیعه علی حیث کانوا … ورحم الله عمر بن عبد العزیز حین نظر إلى (ولاه) المسلمین فی بعض أیَّام حکومه بنی أمیه ، فقال: الولید بالشام ، والحجاج بالعراق ، وقده بن شریک بمصر ، وعثمان بن یوسف بالیمن ،؛ امتلأت الأرض ـ والله ـ جوراً.
فی هذه الظلمات المطبِقه بعضها فوق بعض ، کان أهل البیت (علیهم السلام) یحملون مشعل الهدایه لکل الناس . ففی السنوات الأربع الأولى من حیاته ، عاش الإمام الباقر (علیه السلام) فی ظلّ جدّه الحسین (علیه السلام) ، فشهد الحوادث ، وأدرک ما یجری من خَطبٍ فادح على
الإسلام . حتى إذا کان عاشوراء سنه ۶۱هـ ، شهد مصرع أهل بیته ، وشارک السبایا فیما جرى علیهم ، وعاش المحن التی توالت على المسلمین ، من قتلٍ وتشریدٍ ونهب للأموال ، کما عاش محنه سبّهم لجدّه الإمام علی (علیه السلام) على المنابر سته عقود ، وسلب حقوقهم.
وفی المرحله التی عاشها فی ظلّ أبیه الإمام زین العابدین (علیه السلام) ، کان العمل منصبّاً على إعاده بناء المجتمع الإسلامی ، وتشیید دعائم العقیده الإسلامیه القویمه ، من خلال بثّ القیم العقائدیه والأخلاقیه ، عِبْرَ الأدعیه ، والتذکیر الدائم بمصائب أهل البیت ، وما جرى علیهم.
وقبل وفاته ، وجّه الإمام زین العابدین (علیه السلام) أهل بیته وشیعته ، إلى الإمام من بعده . فحینما سأله ابنه عمر عن سرّ اهتمامه بالباقر (علیه السلام) ، أجابه: (أنّ الإمامه فی ولْده إلى أن یقوم قائمنا (علیه السلام) ، فیملأها قسطاً وعدلاً ، وأنّه الإمام أبو الأئمه…).
وإنْ کان النص الذی رواه جابر بن عبد الله الأنصاری قد سبق من رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) [النص فیه] على الإمام الباقر والأئمه من بعده . وقد جاء فی هذا النص ما یلی: (فقال: یا رسول الله ، وَمَنْ الأئمه من ولد علی بن أبی طالب؟ قال: (الحسن والحسین سیِّدا شباب أهل الجنه ، ثمَّ سید العابدین فی زمانه علیّ بن الحسین ، ثمَّ الباقر محمد بن علیّ ـ وستدرکه یا جابر ـ فإذا أدرکته ، فاقرأه منّی السلام ).
من جهوده لنشر العلم والمعرفه:
حضور المحافل العامه ؛ لیحدّث الناس ویرشدهم . کما کان یفسّر القرآن ، ویعلّم الناس الأحادیث النبویّه الشریفه ، ویثقّفهم بالسیره النبویّه المبارکه . وأظهر الله على لسانه من معارف الدین ما أشاد به الجمیع ، حتى قال الشیخ المفید (قدِّس سرِّه): لم یَظهر عن أحدٍ من ولد الحسن والحسین (علیهما السلام) من علم الدین والآثار ، وعلم القرآن والسیره ، وفنون الآداب ، ما ظهر عنه.
کان العلماء یقصدونه من کل أفق ؛ بحثاً عن علمه الإلهی ، حتى روی عن عبد الله بن عطاء أنّه قال: (ما رأیتُ العلماء عند أحدٍ قط أصغر منهم عند أبی جعفر محمد بن علی بن الحسین (علیهم السلام) . ولقد رأیتُ الحکم بن عتیبه ـ مع جلالته فی القوم ـ بین یدیه کأنّه صبی بین یدی معلمه).
وکم حاجج من المخالفین وأعادهم إلى الصواب .
ربّى طائفه عظیمه من الفقهاء والمفسِّرین ، من أمثال: جابر بن یزید الجعفی ، ومحمد بن مسلم ، وأبان بن تغلب . کما أنّه نشر العلم عبر مَن روی عنه من علماء عصره ، من أمثال: المبارک ، والزهری ، والأوزاعی ، وأبی حنیفه ، ومالک ، والشافعی.
قد فجّر برکان الإصلاح الذی قضى على عقود من الظلم الأموی ، من قلب البیت الأموی ، وعلى ید أحد حکَّامها ، وهو عمر بن عبد العزیز ، الذی أحدث تغییرات مهمه وخطیره فی سیاسه الحکم الأموی ، لا یتَّسع المجال للبحث وراء دوافعها ، لکن هذه التغییرات لا شک أنَّها کانت الحکم على النظام الأموی بالإعدام ، بعد أن کشف زیفه للناس ، وفضح ممارساته البعیده والمخالفه للدین ، ولکل الأعراف الإنسانیه ، بل وکشف حقائق التاریخ لکل المخدوعین بمقوله الصحابه العدول ، فهزَّ صروح الکذب والافتراء على النبی وآل البیت.
هذه الجهود الإصلاحیه ، وهذا التغیّر الذی حدث فی شخصیه هذا الفتى الأموی ، لا یمکن أن نعزوه إلى الصدفه ، أو تأثیر ثقافه منحرفه خالفها هو بعد ذلک ، وکشف زیفها وانتهاکاتها ، بل إلى منهجِ حقٍ أثَّر وتأثَّر به . وکانت أولى قرارات عمر بن عبد العزیز بعد تولِّیه الحکم:
ـ سحْب الحمله الأمویه عن أسوار القسطنطینیه ، محذِّراً عامله على خراسان عبد الرحمن بن نعم بقوله: (فلا تغْزُ بالمسلمین ، فحسبهم الذی قد فتح الله علیهم) ، مخالفاً بذلک سیره الخلیفه الثالث ، وحکَّام بنی أمیه.
ـ أبطل ضریبه الأرض ، ومنع أخذ الجزیه من غیر العرب بعد إسلامهم ، قائلاً:(إنّ الله أرسل محمداً هادیاً ، ولم یُرسله جابیاً).
ـ ألغى الهِبَات الممنوحه لبنی مروان ، کما ألغى المُرتَّبات الخاصه لهم.
ـ أوقف سبّ الإمام علی (علیه السلام) وأبناءه من على المنابر ، بعد عقود من هذا الأذى الشنیع لآل البیت (علیهم السلام).
ـ ردَّ المظالم التی کانت للناس عند بنی أمیه ، بل وعند أسلافهم ، حتى ردّ فدک إلى ورثتها الشرعیین ، وردَّ علیهم سهم الخمس.
روی أنَّه لمّا ردّ عمر بن عبد العزیز فدکاً على ولْد فاطمه (علیها السلام) ، اجتمع عنده قریش ، ومشایخ أهل الشام من علماء السوء ، وقالوا له: نقمت على الرجلین فعلهما ، وطعنت علیهما ، ونسبتهما إلى الظلم والغصب؟!
فقال:
(قد صحّ عندی وعندکم أنّ فاطمه بنت رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) ادّعت فدکاً ، وکانت فی یدها ، وما کانت لتکذب على رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) ، مع شهاده علیّ (علیه السلام) وأم أیمن وأم سلمه . وفاطمه (علیها السلام) عندی صادقه فیما تدّعی وإن لم تُقِم البینه ، وهی سیده نساء الجنّه . فأنا الیوم أردّ على ورثتها ، وأتقرّب بذلک إلى رسول الله (صلَّى الله علیه وآله) ، وأرجو أن تکون فاطمه والحسن والحسین (علیهم السلام) یشفعون لی یوم القیامه . ولو کنتُ بدل أبی بکر ، وادّعت فاطمه (علیها السلام) ، کنتُ أُصدِّقها على دعوتها).
فسلّمها إلى الباقر (علیه السلام).
إنَّنا نجد فی شخصیه عمر بن عبد العزیز مثالاً لمَن یستمعون القول فیتَّبعون أحسنه ، وقد استمع إلى المثل الذی ضربه الله عزَّ وجلَّ فی محکم کتابه للمؤمنین:( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلّذِینَ آمَنُوا امْرَأَهَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبّ ابْنِ لِی عِندَکَ بَیْتاً فِی الْجَنّهِ وَنَجّنِی مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِینَ) (التحریم/۱۰ ـ ۱۱).
إنّه العلم الذی فجّرهّ الإمام الباقر (علیه السلام) ، فبَقَرَ به خاصره الباطل حتى أخرج الحقّ منه.

Leave A Reply

Your email address will not be published.