ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح

0

ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح

 

الجواب الإجمالی

لم ینکر الشیعه بیعه الکثیر من الصحابه و منهم الشیخان بعد صلح الحدیبیه، و لم ینکروا أن الله سبحانه کان راضیاً عنهم فی ذلک المقطع الزمنی بشکلٍ إجمالی، مع أن بعض الصحابه ـ و منهم الخلیفه الثانی ـ قد عارضوا بعض أوامر رسول الله و آرائه، و لذلک فإن الشیعه یعتقدون أن عدم الثبات و الاستقامه و تبدیل السلوک قد یبدل رضا الله سبحانه سخطاً. و هذا ما أشار إلیه القرآن الکریم فی الآیه العاشره من سوره الفتح التی تعالج قضیه بیعه الرضوان أیضاً

و قد بین الحق تعالى فی هذه الآیه أن الذین یحافظون على العهد و یثبتون علیه سوف یکون ثوابهم و عطاؤهم عظیماً، و أن الذین ینقضون العهد سوف یضرون بأنفسهم. و نحن نعلم أن بعض الذین بایعوا فی بیعه الرضوان لم یحافظوا على عهدهم، و إنما خالفوا العهد الذی قطعوه مع رسول الله بالفرار یوم حنین.

و هذا ما حدث لأصحاب أحد أنبیاء بنی إسرائیل عند ما ساروا مع طالوت للقاء العدو. فقد بدلوا و غیروا، و لا یبعد أن یقع فی هذه الأمه ما وقع فی الأمم السالفه.

 

 

 

الجواب التفصیلی

سوف نتاول سؤالکم المستل من الآیه القرآنیه و ندرسه من خلال ثلاثه محاور على الوجه الآتی:

 

۱ـ هل أن الشیعه ینکرون بیعه الصحابه و منهم أبو بکر و عمر ـ تحت الشجره؟ و هل ینکرون رضا الله سبحانه عن المبایعین تحت الشجره؟

 

۲ـ هل أن رضا الله فی مقطع زمنی عن جماعه بسبب فعلٍ خاص یدل على أن جمیع أفراد المجموعه لا یخطؤون إلى الأبد؟!

 

۳ـ هل أن جمیع المبایعین تحت الشجره فی بیعه الرضوان بقوا على العهد إلى نهایه أعمارهم، أو حتى إلى زمان رحله النبی الأکرم(ص)؟

 

لا بد أن تأخذوا بنظر الاعتبار أن الآیه التی استدللتم بها هی الآیه ۱۸ من سوره الفتح، و للإجابه عن سؤالکم بإمکانکم الرجوع إلى الآیه التی تتقدم هذه الآیه بثمان آیات، أی الآیه ۱۰ من سوره الفتح نفسها، و سوف تلاحظون أنها تتحدث عن قصه نقض العهد و تبدیل المیثاق، و هل سألتم أنفسکم أن الرضا المشار إلیه فی الآیه رضا دائم لا یمکن أن یتغیر، و إذا کان کذلک فلماذا یتحدث الحق تعالى فی نفس السوره عن نقض العهد و الانقلاب؟!

 

 

و علیه فنحن نرى أنه بعد وصول الجیش الإسلامی إلى منطقه الحدیبیه، و انتشار الأخبار المقلقه و المربکه فی صفوف المسلمین، بادر النبی(ص) إلى جمعهم تحت الشجره و ما حولها و أخذ علیهم عهداً یتعلق بلقاء العدو، و هو أن لا یولوا الأعداء الأدبار حین اللقاء. و قد تعهد المسلمون جمیعاً بذلک إلا شخصاً واحداً[۱].

و بایعوا النبی علیه، و بعد ذلک أعلن الحق تعالى رضاه عن هذا العمل و أنزل سکینته على المسلمین، و علیه فنحن لا ننکر حضور عددٍ کبیر من الصحابه فی هذه البیعه، و علیه فلا وجود للکفر و إنکار الآیه القرآنیه.

 

 

و علیکم أن تجیبوا عن الشق الثانی من السؤال: فهل أن رضا الله الوارد فی الآیه یعنی إعطاء الضمانه إلى الأبد و العصمه الدائمه للصحابه مما یمنع من توجیه أی نوعٍٍ من أنواع النقد لما یقومون به من أعمال و تصرفات؟

 

 

 

إننا لا نعتقد ذلک، و إننا نعتقد أن ما نذهب إلیه مستفاد من القرآن الکریم. إننا نعرض لکم أدلتنا لنثبت وجود الفرق بین إعلان الرضا فی تلک الحادثه و ما نوجهه من نقد لعمل البعض.

و فی هذا الإطار، و إضافهً إلى ما تقدم فیما تدل علیه الآیه العاشره من سوره الفتح، فإن ذکر مجریات بعض الأحداث المشابهه التی وقعت لبنی إسرائیل لا یخلو من ظرافه، لأنکم تعتقدون أن ما وقع فی تلک الأمم واقع فی هذه الأمه[۲] حذو النعل بالنعل و القذه بالقذه:

 

إن القرآن یصرح بتفضیل بنی إسرائیل على العالمین و أنه منّ علیهم بتلک المنزله[۳]، أ لم یصرح القرآن بأن الله وعدهم وعداً حسناً بسبب صبرهم و جهادهم و تحملهم حتى بلغوا مراتب سامیه من العلم ثم وقع بینهم الاختلاف و الانشقاق[۴].

 

 

 

 

ألم یذکر القرآن الکریم واقعه أخرى لبنی إسرائیل حینما طلبوا من نبیهم أن یجعل لهم قائداً یقاتلون تحت لوائه، فحذرهم النبی من التراجع و التردد و عدم الإطاعه، فأجابوهم کیف یکون ذلک و قد خرجوا من دیارهم و أصابهم ما أصابهم من أعدائهم. و لکن بعد أن أعلنت الحرب لم یثبت منهم على العهد إلا نزرٌ یسیر، بینما نکث الأکثر منهم و لم یلتزموا بما عاهدوا علیه النبی، ثم سار طالوت بهذه القله المتبقیه معه حتى أظهر الله لهم التابوت الذی فیه السکینه تحمله الملائکه، و بعد نزول هذه الآیه سار بهم طالوت حتى بلغوا النهر، فامتحنهم بالشرب من ذلک الماء فلم یطعه إلا قلیلٌ منهم!

 

 

 

و لکن الله أحاط هذه القله بعنایته فقتل داوود جالوت و بذلک نصرهم على عدوهم[۵].

 

و الآن هل نستطیع القول بأن السکینه التی أنزلت علیهم دلیل على رضاه عن الفئه قبل حرکتهم باتجاه میدان القتال لاتجیز لنا مؤاخذ و نقد أولئک الذین امتنعوا من المشارکه بالحرب مرتین؟! و هل أن هذا المنطق ینسجم مع المنطق القرآنی، ألیس سؤالکم من هذا القبیل؟

 

 

یحتمل أن تقولوا أن الأمرین مختلفان و أن أصحاب طالوت أفسدوا ماضیهم بفرارهم، و لکن هذا لم یقع لأصحاب النبی(ص). و هنا یجب القول:

أولاً: أن هذا یعنی أنکم اعترفتم بالضمن أن عمل الإنسان المتأخر یفسد ماضیه المشرق.

 

 

ثانیاً: إننا نعلم بوجود شرط فی بیعه الرضوان، و الشرط هو أن المسلمین لا یفرون فی الحرب، و حیث لم تقع الحرب بعد البیعه مباشره ما کان بالإمکان اختبار صدق المعاهدین، و لکن من المؤکد فرار بعض الصحابه الذین بایعوا تحت الشجره فی الحروب التی وقعت فیما بعد کما فی حنین، و لم یبقَ مع النبی إلا عددٌ قلیل، فکان النبی یهتف بالفارین و یخاطب المسلمین: أین أصحاب بیعه الشجره[۶].

و لم تتبدل طبیعه المواجهه لصالح المسلمین إلا بعد أن أنزل الله السکینه من خلال إرسال جنود الغیب.[۷]

 

 

 

 

و بغض النظر عن القله الذین ثبتوا مع النبی(ص) بعد فرار الأغلب و فیهم الکثیر ممن حضروا بیعه الرضوان نقضاً للعهد و مخالفه لما نصت علیه البیعه. ألا ترون أن تحقق الرضا الإلهی یتطلب العمل بمضمون العهد و لا یکفی فیه الکلام فقط؟!

 

 

و أما بالنسبه لما یتعلق بالخلیفه الأول و الثانی، فمع الاختلاف الموجود حول موقفهما فی حنین و غیرها، و هل أنهما کانا من الفارین أم لا؟ و لکن المسلم أنهما خالفا النبی و اعترضا على الکثیر من قراراته و تعالیمه فیما بعد. و لنشر إلى مثال ذلک:

بعد انعقاد صلح الحدیبیه، و انتفاء احتمال وقوع الحرب بین المسلمین و قریش، عاد الجیش الإسلامی إلى المدینه، جاء عمر بن الخطاب و وقف إزاء النبی و خاطبه: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل ؟ قال: بلى، قلت: فِلم نعطَى الدنیه فی دیننا إذا ؟ قال: إنّی رَسُولُ اللّهِ، وَ لَسْتُ أَعْصِیه وَ هُوَ ناصری، قلت: ألست تحدِّثنا أنا سنأتی البیت، فنطوف به؟ قال: بَلى، قال: فأخبرتک أنک تأتیه العام؟ قلت: لا قال: فإنِّکَ آتِیهِ وَ متطَوّفٌ به; قال: ثم أتیت أبا بکر، فقلت: أ لیس هذا نبیّ الله حقا؟ قال: بلى، قلت: أ لسنا على الحقّ و عدوّنا على الباطل ؟ قال: بلى، قلت: فلِم نعطَى الدنیه فی دیننا إذا؟ قال أیها الرجل إنه رسول الله، و لیس یعصِی ربه، فاستمسک بغرزه حتى تموت، فو الله إنه لعلى الحقّ; قلت: أ و لیس کان یحدثنا أنا سنأتی البیت و نطوف به؟ قال: بلى، أ فأخبرک أنک تأتیه العام؟ قال: لا قال: فإنک آتیه و متطوّف به .[۸]

 

 

فهل من الإنصاف أن ینتقد صحابی محترم عمل النبی الذی وصفه القرآن بقوله: «لا ینطق عن الهوى»[۹]. و بهذه الکیفیه. و لکن لیس لأحد أن ینتقد الصحابه بأدنى کلام أو یبین نقاط ضعفهم فی خلافتهم. و لیس هناک دلیل إلا حضورهم فی بیعه الرضوان.

 

 

 

إننا لا ننکر الإخبار الإلهی عن رضا الله عن الصحابه الذین بایعوا تحت الشجره. و لکننا نقول: ربنا إنک تعلم ما وراء الظاهر و قد هددت کل من ینقض العهد و المیثاق؛ و هذا لا یعنی بای حال من الاحوال انا نعلم ما لایعلمه الله تعالى فان هذا هو الکفر الصراح بل نحن ننطلق من احکامنا و مواقفنا من الایات و الروایات التی اخبرت بان عددا من المسلمین سوف ینقض العهد و المیثاق.

 

 

 

[۱] الطبری، أبو جعفر، جامع البیان فی تفسیر القرآن، ج ۲۶، ص ۵۶ ـ ۵۴، دار المعرفه، بیروت، ۱۴۱۲ هـ. ق.

[۲] صحیح الترمذی، ج ۴، ص ۱۳۵، دار الفکر، بیروت، ۱۴۰۳ هـ. ق.

[۳] البقره، ۴۷٫

[۴] یونس، ۹۳٫

[۵] و هذه القصه وردت بتمامها فی سوره البقره من الآیه ۲۴۶ إلى ۲۵۲٫

[۶] الطبری، أبو جعفر، جامع البیان، ج ۱۰، ص ۷۱، کانت عباره الرسول (ص) بهذه الصوره: أین الذین بایعوا تحت الشجره.

[۷] التوبه، ۲۷ ـ ۲۵٫

[۸] الطبری، أبو جعفر، جامع البیان، ج ۲۶، ص ۴۵٫

[۹] النجم، ۴ ـ ۳٫

 

 

 

 

 

 

 

http://shiastudies.com/ar/

 

 

ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتحما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتحما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح ما هو رأي الشیعة في بیعة الرضوان المذکورة في آیة18 سورة الفتح

Leave A Reply

Your email address will not be published.