يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ – هل هذه الروایة صحیحة؟
يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ – هل هذه الروایة صحیحة؟
قال أمير المؤمنين (ع): سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَقُولُ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ قَوْلُهُمْ مِنْ خَيْرِ أَقْوَالِ الْبَرِّيَّةِ صَلَاتُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاتِكُمْ و قِرَاءَتُهُمُ أَكْثَرُ مِنْ قِرَاءَتِكُمْ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ أَوْ قَالَ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فهل صحيحة هذه الرواية؟ لو تتفضلوا بإعطاء شرح في هذا الخصوص.
لقد نقلت هذه الرواية عن النبي الأكرم (ص) و أمير المؤمنين (ع) في كلي كتب أهل السنة و مصادر الشيعة مع اختلاف بسيط في التعبير[۱]:
قَالَ عَلِيٌّ ع سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَقُولُ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ قَوْلُهُمْ مِنْ خَيْرِ أَقْوَالِ الْبَرِّيَّةِ صَلَاتُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاتِكُمْ و قِرَاءَتُهُمُ أَكْثَرُ مِنْ قِرَاءَتِكُمْ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ أَوْ قَالَ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».[۲]
كما أن هناك شأن نزول لآيات القرآن، كذلك هناك شأن صدور لروايات المعصومين (ع). و قد ذكر علماء الشيعة و السنة[۳] أن هذه الرواية قد وردت في حق خوارج نهروان، و هناك روايات كثيرة وردت في بيان صفات الخوارج تؤيد صدور هذه الرواية بشأنهم. هنا نذكر نماذج من هذه الروايات على سبيل المثال:
۱٫ روى عمّار بن ياسر عن رسول الله (ص) أنه قال: ِ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي فِرْقَةٌ يُحْسِنُونَ الْقَوْلَ و يُسِيئُونَ الْفِعْلَ يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ و لَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة.[۴]
۲٫ و في رواية أخرى و صف رسول الله (ص) الخوارج و قال: إِنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة.[۵]
۳٫ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يخرج ناس من قبل المشرق و يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه قيل ما سيماهم قال سيماهم التحليق أو قال التسبيد.[۶]
۴٫ و روى أمير المؤمنين (ع) عن رسول الله (ص) أنه قال: ستقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين… قلت فمن المارقون قال أصحاب ذي الثدية و هم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاقتلهم فإن في قتلهم فرجا لأهل الأرض و عذابا معجلا عليهم و ذخرا لك عند الله عز و جل يوم القيامة.[۷]
۵٫ روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) قَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ قَالَ عَلِيٌّ ع كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص و صَفَ لَنَا نَاساً إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ و أَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ لَحْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ انْظُرُوا فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئاً فَقَالَ ارْجِعُوا فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ و لَا كُذِبْتُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً ثُمَّ و جَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى و ضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْه.[۸]
من مجموع هذه الروايات التي اكتفينا بنقل بعضها، و من خلال تصريح العلماء في أن هذه الرواية إنما صدرت بحق خوارج نهروان، لا يبقى بعد أي شك في أن هذه الرواية لا تصدق على شباب هذا العصر.
و بالإضافة إلى ذلك من خلال التدقيق في هذه الرواية يتبين:
۱٫ الرواية قد تحدثت عن “قوم” و القوم بمعنى فئة من الناس[۹] أو فئة من الرجال،[۱۰] لا بمعنى الشباب، إذ في كلام العرب يطلق على الشباب بنفس لفظ “الشباب” أو “الشبّان” أو “الشببة”.[۱۱]
۲٫ قد استخدمت الرواية عبارة “يخرج” ما تدل على خروج و تمرد هذا القوم. و شباب عصرنا ليسوا مصداقا لهذا الخروج بالفعل.
يبقى إشكال وحيد و هو أنه لماذا تكلمت هذه الرواية عن خروج القوم في “آخر الزمان” و لم تقيّد خروجهم في زمن أمير المؤمنين (ع) بينما برزت ظاهرة الخوارج في زمن الإمام (ع)؟ الجواب هو أن مفهوم آخر الزمان مفهوم نسبي و هو يبدأ من زمن رسول الله (ص) و يستمر إلى يوم القيامة، و لهذا يقال لنبينا (ص) نبي آخر الزمان فلا بأس باستخدام هذه العبارة تعبيرا عن زمن أمير المؤمنين (ع). طبعا هناك روايات أخرى وردت في هذا الباب و قد أشارت إلى مصداق بشكل واضح و بينت بأنهم سيظهرون في زمن أمير المؤمنين. و حتى بعض هذه الروايات[۱۲] جاءت بلفظ الخروج و القتال بصيغة المستقبل بلفظ السين (ستقاتل و سيخرج) ما يدل على وقوع الحدث في المستقبل القريب. و عليه فهذه العبارات تخصص و تقيد عموم مفهوم الرواية و تصرف إطلاقها على عصر أمير المؤمنين (ع).
[۱]. بعض الروایات جاءت بلفظ حدثاء الاسنان (صحیح البخاری، النسائي، مسلم و ابوداود نقلا عن بحار الأنوار (ط – بيروت)، ج۳۳، ص، ۳۳۱٫) و جاء في روايات أخرى تعبیر “حداث الأسنان”. (صحيح البخاريّ الجزء التاسع، ص ۱۶- ۱۷، نقل از عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار، النص، ص، ۴۶۰).
[۲]. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج ۳۳، ص ۳۴۰، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، ۱۴۰۳ ق؛ صحيح البخاريّ، الجزء التاسع ص ۱۶- ۱۷؛ صحيح البخاريّ الجزء التاسع ص ۱۶- ۱۷٫(نقلا عن عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار، النص، ص، ۴۶۰).
[۳]. صحيح البخاريّ، المصدر نفسه.
[۴]. المجلسي، بحار الأنوار، ج ۱۸، ص ۱۲۳٫
[۵]. ابن بابويه، محمد بن على، من لا يحضره الفقيه، محقق، مصحح، غفارى، على اكبر، ج ۱، ص ۱۲۴، دفتر انتشارات اسلامى، قم، چاپ دوم، ۱۴۱۳ ق.
[۶]. صحيح البخاري، البخاري، ج۸، ص۲۱۸٫
[۷]. ابن بابويه، محمد بن على، الخصال، محقق، مصحح، غفارى، على اكبر، ج ۲، ص ۵۷۳ و ۵۷۴، جامعه مدرسين، قم، چاپ اول، ۱۳۶۲ ش.
[۸]. ابن بطريق، يحيى بن حسن، عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار، ص ۴۶۳، جماعه المدرسين بقم، مؤسسة النشر الاسلامي، قم، الطبعة الأولى، ۱۴۰۷ ق.
[۹] مهيار، رضا، فرهنگ ابجدى عربى- فارسى، ص ۷۱۱، عبارة «قوم».
[۱۰] راغب الأصفهاني، حسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق، داودی، صفوان عدنان، ص ۶۹۳، دارالعلم الدار الشامية، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى، ۱۴۱۲ ق؛ قرشى، سيد على اكبر، قاموس قرآن، ج ۶، ص ۶۷، دار الكتب الإسلامية، طهران، ۱۳۷۱ ش؛ طريحى، فخر الدين، مجمع البحرين، ج ۶، ص ۱۴۷، مكتبة مرتضوى، طهران، ۱۳۷۵ ش.
[۱۱]. فرهنگ ابجدی، ص ۵۰۹، کلمة «شبب».
[۱۲]. «سَتُقَاتِلُ النَّاكِثِينَ و الْقَاسِطِينَ و الْمَارِقِينَ…»، خصال، ج ۲، ص ۵۷۳؛ «سيخرج من بعدي أقوام…»، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار(ع)، ج ۲، ص ۴۳٫