ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامی

0

بسِم اللّهِ الرحمَنِ الرّحیم
منذ مده، وأنا أواجه طلباً متزیداً على المدرسه الإسلامیه والحاحاً من القراء الاعزاء على اصدار حلقات جدیده منها.

وکنت أتماهل فی تلبیه هذا الطلب، رغبه فی انجاز الکتاب الثانی من اقتصادنا، والتوفر على اکماله، وکان صدور هذا الکتاب سبباً جدیداً لازدیاد الطلب على اصدار حلقات صغیره تتناول بحوثه بالتوضیح والتبسیط بقدر الإمکان، لکی تکون متیسره ومفهومه لعدد أکبر.

وعلى هذا الاساس کتبت هذه الحلقه، متوخیاً فیها التبسیط ومتجنباً ذلک المستوى الذی التزمته من الدقه والتعمق فی بحوث اقتصادنا. فقد آثرت فی عده مواضع توضیح الفکره، على اعطائها صیغتها الدقیقه التی حصلت علیه فی کتبنا الموسعه.

وسوف أحاول هنا، وأنا أعرّف هذه الحلقه للقراء، ان ألخص لهم أفکارها، وأفهرس بحوثها، لیساعدهم ذلک على فهمها ومتابعه فصولها.
ان هذه الحلقه تشتمل على اثاره سؤال واحد ومحاوله الاجابه علیه.

والسؤال هو: هل یوجد فی الإسلام مذهب اقتصادی؟

ونجیب فی هذه الحلقه، على هذا السؤال بالإیجاب، نعم یوجد فی الإسلام مذهب اقتصادی.

ونسیر من السؤال الى الجواب، بتدرج، فبعد أن نطرح السؤال نشغل بایضاحه، وتوضیح ما یتصل به. ثمّ ندرس الجواب، فی ضوء مفهومنا عن الإسلام. وندعم الجواب بالشواهد ونناقش ما یثار عاده من اعتراضات.

توضیح السؤال:

نقصد بالمذهب الإقتصادی، ایجاد طریقه لتنظیم الحیاه الإقتصادیه، وفقاً للعداله. فنحن حین نتساءل عن المذهب الإقتصادی فی الإسلام، نرید ان نعرف هل جاء الإسلام بطریقه لتنظیم الحیاه الإقتصادیه، کما جاءت الرأسمالیه مثلاً، بمبدأ الحریه الإقتصادیه، واتخذت منه طریقتها العامه، فی تنظیم الحیاه الإقتصادیه.

حاجتنا الى هذا السؤال:

وحاجتنا الى هذا السؤال، نابعه من اسباب عدیده، قد یکون من أهمها سلبیه الإسلام تجاه الرأسمالیه والمارکسیه _
النظامین الحاکمین فی العالم الیوم _. فان رفض الإسلام لهما یجعل الإنسان المسلم ینتظر من الإسلام الاتیان بطریقه أخرى فی تنظیم الحیاه الاقتصادیه، لان المجتمع الإسلامی لا یستغنی عن طریقه فی التنظیم، مهما کان شکلها.

الخطأ فی فهم السؤال:

وبعد أن نطرح السؤال، ونوضحه، ونشرح أهمیته نستعرض الخطأ الذی قد یقع فیه بعض الناس فی فهم السؤال اذ لا یمیزون بین المذهب الاقتصادی وعلم الاقتصاد فی الإسلام مع اننا نرید المذهب الاقتصادی لا علم الاقتصاد.
تصحیح الخطأ بالتمییز بین المذهب والعلم
ولأجل تصحیح هذا الخطأ فی فهم السؤال، توسعنا فی توضیح الفرق بین المذهب الاقتصادی، وعلم الاقتصاد. والحقیقه ان الفرق بینهما کبیر، فان المذهب الاقتصادی، کما عرفنا یتکفل ایجاد طریقه لتنظیم الحیاه الاقتصادیه، وفقاً للعداله وأما علم الاقتصاد، فهو لا یوجد طریقه للتنظیم، وانما یأخذ طریقه من الطرق المتبعه فی المجتمعات، فیدرس نتائجها وآثارها کما یدرس العالم الطبیعی نتائج الحراره وآثارها.
مثال على الفرق بین المذهب والعلم
وقد استعملنا الامثله العدیده، لتوضیح الفرق بین المذهب الاقتصادی، وعلم الاقتصاد. فالمذهب الرأسمالی مثلاً ینظم الحیاه الإقتصادیه، على أساس مبدأ الحریه الإقتصادیه، ولذلک فهو ینظم السوق، على أساس حریه البائعین فی تعیین أثمان السلع. وعلم الإقتصاد لا یحاول الاتیان بطریقه أخرى، لتنظیم السوق وانما مهمته أن یدرس وضع السوق فی ظل الطریقه الرأسمالیه، ویبحث عن حرکه الثمن، وکیف یتحدد، ویرتفع وینخفض، فی السوق الحره، التی نظمت بالطریقه الرأسمالیه.

فالمذهب یوجد طریقه للتنظیم، وفقاً لتصوره للعداله، والعلم یدرس نتائج هذه الطریقه، حین تطبق على المجتمع.

التأکید على ان الاقتصاد الإسلامی مذهب
وبعد أن سردنا الأمثله العدیده، لتوضیح الفرق بین المذهب والعلم، أکدنا على أن المذهب الإقتصادی الذی نتساءل عن وجوده فی الإسلام، ونجیب بالإیجاب، لا نعنی به علم الإقتصاد لأن الإسلام بوصفه دیناً لیس من وظیفته أن یتکلم فی علم الإقتصاد، أو علم الفلک والریاضیات. وإنما هو عن إیجاد الإسلام، طریقه لتنظیم الحیاه الإقتصادیه، لا عن قیام الإسلام بدراسه علمیه للطرق الموجوده، فی عصره، ولما ینجم عنها من نتائج، کما یفعل علماء الإقتصاد.

وجهه النظر فی الجواب:

وتصل الحلقه، بعد ذلک، إلى شرح وجهه النظر فی الجواب فتعطی المفهوم الصحیح عن الشریعه، واستیعابها وشمولها لشتى المیادین. وتستدل على ذلک، من طبیعه الشریعه ونصوصها. ثمّ نستعرض بعد ذلک، بعض الشبهات التی تثار فی وجه الإیمان بالإقتصاد الإسلامی، ونجیب علیها. وأخص بالذکر، الشبهه التی تقول: أن الإسلام جاء بتعالیم أخلاقیه، ولم یجئ باقتصاد ینظم الحیاه، فهو واعظ ولیس منظماً. وقد أوضحنا، کیف أن هذه الشبهه استغلت الجانب الأخلاقی فی الإسلام، لطمس معالم التنظیم الإجتماعی، مع أن الشریعه عالجت کلا المجالین. فقد مارست الجانب الأخلاقی، بوصفها دیناً، لتربیه الفرد ومارست التنظیم الإجتماعی، باعتبارها النظام المختار من السماء للمجتمع البشری.

هذه صوره عن بحوث الرساله وموضوعاتها، والیکم الآن تفصیلات تلک البحوث والموضوعات.

Leave A Reply

Your email address will not be published.