بالنسبه لسؤالکم حول السبب فی عدم زواج السیده فاطمه بنت الإمام الکاظم [علیهما السلام] «المعصومه» ، المدفونه فی «مدینه قم المشرفه» ، أقول :
قد ذکر الیعقوبی : أن السبب فی عدم زواج بنات الإمام الکاظم [علیه السلام] ، هو أن الإمام [علیه السلام] نفسه قد أوصى ألا تتزوج بناته ، فلم تتزوج إلا واحده منهن ، هی أم سلمه ، فإنها تزوجت القاسم بن محمد بن جعفر بمصر ، فجرى فی هذا بینه وبین أهله شیء شدید حتى حلف أنه ما کشف لها کنفاً قط ، وإنما تزوجها لیحج بها ۱ .
ولکن الظاهر هو وقوع الیعقوبی فی الغلط والاشتباه ، فإن الإمام [علیه السلام] ، کما رواه الکلینی ، لم یوص بعدم تزویج بناته أصلاً ، بل أوصى بأن یکون أمر زواج جمیع بناته بید الإمام الرضا [علیه السلام] ، فإنه أعرف بمناکح قومه ۲ .
وفی وصیه أخرى له [علیه السلام] ذکر أن من تتزوج من بناته ، فلیس لها حظ من صدقه کان قد جعلها للمساکین من ولده ، فإن عادت بغیر زوج ، فإنها تأخذ من تلک الصدقه أیضاً ۳ .
ولعله لأجل أن زواجها یجعل نفقتها واجبه على زوجها ، فلا یحق لها والحاله هذه الأخذ من صدقه جعلت للفقراء والمساکین . .
کما أن الإمام الجواد [علیه السلام] قد أوقف عشر قرى فی المدینه على أخواته وبناته اللاتی لم یتزوجن . وکان یرسل نصیب بنات الرضا [علیه السلام] من المدینه إلى قم ۴ .
وبعدما تقدم نقول : لعل السبب فی هذه الوصیه ، هو التأکد من تزویجهن من أکفائهن ، کما ظهر من قوله [علیه السلام] : « فإنه أعرف بمناکح قومه » .
ولعله لو زوجهن بغیر أکفائهن لأوجب ذلک متاعب کبیره وخطیره لهن وللأئمه [علیهم السلام] ، تکون المفسده فیها ، أعظم من تأیمهن . .
مع احتمال أن تکون هناک أهداف سیاسیه من بعض الزیجات ، من بنات الأئمه ، حیث یحاول البعض أن یجعل ذلک ذریعه إلى أمور لا یصح تمکینه منها .
وقد حدثنا التاریخ : أن هارون الرشید قد طالب الإمام [علیه السلام] بذلک ، فقال : فلم لا تزوج النسوان من بنی عمومتهن وأکفائهن ؟! فاعتذر له [علیه السلام] بقصر ذات الید ۵ .
على أن من الواضح : أن ظروف الأئمه کانت صعبه للغایه . . ولم یکن هناک من یجرؤ على الاتصال بهم خصوصاً فی أمر الزواج ، من غیر الأقارب . وأبناء العم . . ولا سیما فی زمن المنصور إلى زمان هارون الذی حصد شجره النبوه ، واقتلع غرس الإمامه ، کما یقول الخوارزمی ، وذلک واضح . . ۶ .

• ۱٫ تاریخ الیعقوبی ج ۲ ص ۴۱۵ ط صادر بیروت .

• ۲٫ الکافی ج ۱ ص ۳۱۶ وعیون أخبار الرضا ج ۱ ص ۳۳ .

• ۳٫ عیون أخبار الرضا ج۱ ص۳۷ .

• ۴٫ تاریخ قم ص ۲۲۱ .

• ۵٫ عیون أخبار الرضا ج ۱ ص ۸۸ .

• ۶٫ مختصر مفید . . ( أسئله و أجوبه فی الدین والعقیده ) ، للسید جعفر مرتضى العاملی ، « المجموعه الأولى » المرکز الإسلامی للدراسات ، الطبعه الأولى ، ۱۴۲۳ ـ ۲۰۰۲ ، السؤال (۲۰) .