لزوم بعثه الانبیاء
من البحوث الکلامیه المهمه بحث النبوّه ومن المسلّم به أنّ المعتقد لابدّ أن یدعم بالدلیل القاطع، فما هی الأدلّه العقلیه والنقلیه التی یمکن إقامتها لإثبات لزوم بعثه الأنبیاء؟
الجواب: لقد أقام المتکلّمون العدید من الأدلّه العقلیه لإثبات لزوم بعثه الأنبیاء، ومن بین تلک الأدلّه، دلیل «قاعده اللطف» أو ما یعبّر عنه ـ أحیاناً ـ بـ«مصالح العباد».
تقریر دلاله قاعده اللطف على لزوم البعثه
ینبغی قبل الدخول فی تقریر القاعده أن نشیر إلى نقطه مهمه وهی: انّ اللطف فی اصطلاح المتکلّمین یطلق على معنیین:
۱٫ اللطف المُحصِّل.
۲٫ اللطف المقرِّب.
ویقصد باللطف المحصِّل هو: عباره عن القیام بالمبادئ والمقدّمات التی
یتوقّف علیها غرض الخلقه وصونها من العبث واللغو.
وأمّا اللطف المقرب فهو: عباره عن القیام بما یکون محصّلاً وسبباً لتقرّب العباد من الطاعه والامتثال للأوامر الإلهیه، والابتعاد عن العصیان والتمرّد، من دون أن یتنافى مع أصل الاختیار والحریه فی التصمیم واتخاذ القرار.
ثمّ إنّه یمکن إثبات لزوم بعثه الأنبیاء من خلال قاعده اللطف على أساس کلا المعنیین (اللطف المحصّل والمقرّب).
أمّا اللطف المحصّل فلأنّه من الثابت أنّ الهدف من خلق الإنسان هو معرفه اللّه، وتکامله الروحی والمعنوی. ومن البدیهی أنّ الوصول إلى هذا الهدف وتحصیل تلک الغایه المهمه لا یتسنّى للإنسان ولا یمکن له نیله إلاّ إذا توفّرت قیاده حکیمه تستطیع أن تأخذ بید الإنسان فی هذا الطریق ألا وهی قیاده الأنبیاء (علیهم السلام) ، وذلک لأنّ العقل مهما أُوتی من قدره على الإدراک فإنّه عاجز عن طی هذا الطریق الشائک وبصوره کامله لوحده، وکذلک الکلام فی الفطره الإنسانیه، فهی أیضاً کالعقل عاجزه عن تسلیط الأضواء على جمیع الزوایا الخافیه فی طریق الحرکه والتکامل البشری!
ولکن عبارات المتکلّمین نراها فی هذا المجال تنسجم مع قسم واحد من أقسام اللطف وهو «اللطف المقرب».
وحاصل ذلک: انّ العقل یرشد الإنسان وبصوره مستقله إلى سلسله من التکالیف والوظائف الأخلاقیه، من قبیل: شکر المنعم، ورعایه العدل فی المعاشره، وأداء الأمانات فإنّه یرى کلّ ذلک حسناً یجب امتثاله، کما أنّه یدرک أنّ هناک مجموعه من الصفات والأفعال قبیحه یجب اجتنابها من قبیل: کفران النعمه، والظلم وخیانه الأمانه، وغیر ذلک من الأُمور القبیحه والذمیمه.
ولا شکّ أنّ من بین أفعال الإنسان هناک سلسله من الأفعال یستطیع الإنسان القیام بها والاقتراب منها من خلال مراعاه أوامر وإرشادات العقل وبالتالی یکون موفقاً فی هذا المجال، وکذلک توجد سلسله من الأفعال التی یحکم العقل بوجوب الاجتناب والابتعاد عنها.
ولکن مع ذلک کلّه انّنا نجد أنّ قدره العقل محدوده وغیر قابله لإدراک جمیع الأُمور الحسنه أو القبیحه، إذ إنّ هناک الکثیر من الأُمور التی یعجز العقل عن إبداء رأیه فیها، ولکن اللّه تعالى العالم بکلّ شیء مطلع علیها وعالم بها ویستطیع أن یوصلها إلى الإنسان من خلال طریق آخر غیر طریق العقل، وهذا الطریق هو «بعث الأنبیاء» وهذا ما یصطلح علیه «بقاعده اللطف» التی یذهب الحکماء إلى وجوبها على اللّه سبحانه(بمعنى أنّ مقتضى الحکمه والرحمه الإلهیه یوجب على اللّه بعث الأنبیاء).
وعلى هذا الأساس یکون بعث الأنبیاء ـ باعتباره مصداقاً جلیاً لـ«اللطف الإلهی على عباده» ـ واجباً ولازماً.
وقد بیّن المحقّق الطوسی (قدس سره) هذا المعنى بعباره مختصره ومعبّره حیث قال:
«وهی واجبه لاشتمالها على اللطف فی التکالیف العقلیه».( [1])
إنّ منهج المتکلّمین لإثبات وجوب بعثه الأنبیاء یبتنی على کون النبوه لطفاً فی التکالیف العقلیه وانّها شرط فی التکالیف السمعیه(الشرعیه) وما کان مشتملاً على تلک الخصائص والصفات فإنّه لازم.
وتوضیح ذلک: قال المقداد السیوری: الثالث: فی وجوب بعثته ویدخل فیه بیان غایتها ولنا فیه طریقان; أحدهما: طریقه المتکلّمین وهو انّها مشتمله على
اللطف فی التکلیف العقلی وشرط فی التکلیف السمعی، وکلّ ما کان کذلک فهو واجب، امّا بیان أولى الصغرى فلانّ العبادات متلقاه من النبی ولا شکّ انّ المواظبه علیها باعثه على معرفه المعبود الواجبه عقلاً فیکون لطفاً فیها. ولانّ الثواب والعقاب لطفان ولا یعلم تفاصیلهما إلاّ من جهته أیضاً، وأمّا بیان ثانیهما فظاهر.
وأمّا الکبرى: فلما تقدّم من وجوب اللطف وکذا التکلیف فشرطه لو لم یکن واجباً لجاز الاخلال به فیجوز الاخلال بالمشروط الواجب وهو على الحکیم محال.( [۲])
الحکماء ووجوب بعثه الأنبیاء
لقد سلک الحکماء طریقاً آخر لإثبات لزوم بعثه الأنبیاء وهو: ضروره حاجه المجتمع البشری إلى القانون، والذی یکون بدوره سبباً لصیانه النظام وحفظ النسل البشری، ولا شکّ انّ وضع هکذا قانون یستطیع حفظ النظام والنسل البشری وبصوره واقعیه وعادله خارج عن قدره الإنسان، سواء کان فرداً أو جماعه، وذلک لأنّه ینبغی للمقنن أن یتوفّر على مجموعه من المؤهلات والشرائط العالیه، التی لا یمکن توفرها إلاّ لدى اللّه سبحانه، وذلک بالبیان التالی:
نزعه الإنسان إلى الحیاه المدنیه
ممّا لا شکّ فیه أنّ الإنسان میّال للحیاه الاجتماعیه کما لا ریب ـ و بشهاده التجربه ـ انّه لا یتسنّى للإنسان أن یحیا حیاه اجتماعیه منسجمه وصحیحه من
دون قانون جامع وشامل، ولذلک لابدّ من سنّ قانون تتوفر فیه المزایا التالیه:
۱و۲٫ تحدید حقوق ومسؤولیات أفراد المجتمع:
لأنّه ما لم تحدد وتعیّن وظائف الأفراد ومهامهم وحقوقهم سوف تحدث وبلا شکّ حاله من التصادم والتنازع بینهم حتّى لو کان هؤلاء الأفراد قد وصلوا إلى درجه عالیه من التکامل المعنوی وکانوا ملائکیین، لأنّ جهلهم وعدم اطّلاعهم على حقوقهم وواجباتهم سوف یجرهم إلى الصراع والتنازع.
فما لم یتحقّق هذان الأمران من خلال تشریع جامع فإنّه لا یمکن الوصول إلى حیاه اجتماعیه هادئه وبعیده عن الصراع والصدام.
۳٫ أن یتوفر فی المقنن الشرطان التالیان:
الف: أن یکون المقنن عارفاً بالإنسان معرفه کامله
إنّ أهمّ خطوه فی وضع القانون،معرفه المقنّن بالمورد الذی یضع له القانون، فحینئذ لابدّ أن یکون عارفاً بأسرار جسم الإنسان وروحه ونفسیاته،لتکون تشریعاته ناجحه وناجعه فی معالجه مشاکل الإنسان، مثله مثل الطبیب کلّما کانت معلوماته کامله کلّما کان علاجه مفیداً وناجعاً فی قلع المرض.
ب: أن لا یکون المقنن منتفعاً بالقانون
لأنّه من الواضح جلیاً أنّ المقنّن إذا کان ینتفع بالقانون الذی یسنّه، فإنّه حینئذ وانطلاقاً من حبّ الذات والأنانیه سوف یرسم القانون بصوره تؤمن له منافعه الشخصیه أو منافع المقربین منه، وحینئذ سیکون ذلک حجاباً یحجب عقل المقنّن وفکره عن الموضوعیه فی التشریع.
۴٫ وجود الضمانه التنفیذیه للقانون
من الواضح جیّداً أنّ القانون لیس مجرّد حبر على ورق، بل أنّ القانون إنّما یلبی أهداف المشرع عندما تتوفر الضمانه التنفیذیه لذلک القانون، فإذا کان القانون بشریاً فلا ریب انّ الضمانه التنفیذیه لم تتحقّق من خلال رجال الشرطه والقوه القضائیه، حیث تستطیع هاتان المؤسستان من الحد من مخالفه القانون ظاهراً ـ و بشکل محدودـ وقد ینجر الأمر إلى أن ینحرف نفس المدافعین عن القانون ـ الشرطه والقوه القضائیه ـ وینخدعون بسبب عوامل کثیره لمخالفه القانون والتعاون مع المنحرفین عن القانون.
وأمّا إذا کان القانون إلهیاً فلا شکّ ولا ریب أنّه سیحظى بقدر من القداسه والاحترام الکبیرین، وسوف یتوفر على قدر أکبر من الضمانه التنفیذیه فی ظلّ الإیمان باللّه والیوم الآخر.
فهکذا دستور شامل و جامع یستطیع أن یمنح الرفاه والاستقرار والطمأنینه للمجتمع، ولکنّه وبلا ریب لا یمکن توفر ذلک إلاّ فی القانون الإلهی. لأنّ المقنن البشری وبسبب محدودیه علمه وقصور معارفه ومدرکاته فی مجالات علم النفس والاجتماع و…، وعدم قدرته على معرفه العواطف والإحساسات والمشاعر النفسیه بصوره دقیقه، یصل إلى طریق مسدود ومن ثمّ یصاب بالفشل والانکسار.
وإذا تجاوزنا کلّ ذلک فإنّ الإنسان مهما سعى للحفاظ على طهارته ونقائه الروحی والمعنوی، لکنّه لا یمکن أن یتخلّص من قبضه القدره الخفیه لحبّ الذات ومصالحه ومصالح قومه ومقربیه وأحبته وأصدقائه، وبالنتیجه سوف
تسوقه تلک الضغوط والتوجهات الداخلیه إلى النفعیه والمصلحیه.
وبصرف النظر عن هذین الأمرین، فإنّ الأمر الثالث، أی الضمانه التنفیذیه والرقابه الداخلیه ضعیفه جدّاً فی القوانین البشریه، وذلک بسبب عدم قدسیتها، ولذلک نجد یوماً بعد یوم یزداد عدد المحاکم القضائیه ومراکز الشرطه وتکثر السجون والسجناء فی جمیع أنحاء العالم.
هذه الأُصول دعت الحکماء إلى الاعتقاد بأنّه ولغرض کمال الإنسان وحفظ النوع البشری لابدّ من وجود قانون کامل وشامل وهذا لا یتوفر إلاّ فی الشرائع السماویه التی تطرح عن طریق الأنبیاء، ولذلک ینبغی أن یبعث اللّه تعالى الأنبیاء، وهم یحملون تشریعاً متکاملاً یتسنّى من خلاله حفظ النظام وبقاء النوع البشری.( [۳])
هذه هی خلاصه الطریقین اللّذین ذکرهما المتکلّمون والحکماء لإثبات لزوم بعثه الأنبیاء نقلناهما بصوره مختصره وعباره واضحه ووافیه بالمطلب، ومن یروم التوسع فی البحث فعلیه مراجعه المصادر التی ذکرناها فی الهامش.
ومن المناسب جدّاً هنا أن نشیر إلى الروایه التی رواها هشام بن الحکم عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی خصوص لزوم بعثه الأنبیاء وقد تمت الإشاره فی هذه الروایه إلى کلا المنهجین المذکورین: منهج المتکلّمین ومنهج الحکماء.
یقول هشام بن الحکم:
سأل الزندیق الذی أتى أبا عبد اللّه (علیه السلام) فقال: من أین أثبت أنبیاءً ورسلاً؟
قال أبو عبد اللّه (علیه السلام) : «إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالیاً عنّا وعن جمیع ما خلق، وکان ذلک الصانع حکیماً لم یجز أن یشاهده خلقه ولا یلامسوه،ولا یباشرهم ولا یباشروه،ویحاجّهم ویحاجّوه،فثبت أنّ له سفراء فی خلقه، یدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفی ترکه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحکیم العلیم فی خلقه، وثبت عند ذلک أنّه له معبّرین وهم الأنبیاء وصفوته فی خلقه، حکماء مؤدَّبین بالحکمه مبعوثین بها، غیر مشارکین للناس فی أحوالهم على مشارکتهم لهم فی الخلق والترکیب، مؤیدین من عند الحکیم العلیم بالحکمه والدلائل والبراهین والشواهد من إحیاء الموتى… فلا تخلو أرض اللّه من حجه یکون معه علم یدلّ على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته».( [4])
الأدلّه النقلیه على لزوم بعثه الأنبیاء
لقد وردت فی هذا المجال آیات وروایات کثیره بیّنت فلسفه وجود الأنبیاء مثل: إکمال وتثبیت الدین، حل الاختلافات، فک الخصومات، إقامه القسط والعدل فی المجتمع، تزکیه النفوس، تعلیم الکتاب والحکمه، وإتمام الحجّه وإلقائها على العباد.
الهدف الأوّل: إقامه ونشر التوحید والوحدانیه
إنّ الهدف من خلق الإنسان یکمن فی معرفته بالمبدأ والمعاد وأنّ الإنسان الفاقد لتلک المعرفه إنسان ناقص قد توقّف عند حدود الجانب الحیوانی فقط.
وأمّا الموجودات الأُخرى کالنباتات والحیوانات فإنّها تتکامل من خلال قوّه الغریزه المودعه فیها، ولکن الإنسان المزود بقوتی الغریزه والعقل لا یتمکن من
خلال هذین العنصرین من الوصول إلى الکمال المطلوب، والشاهد على ذلک التاریخ الطویل للإنسان حیث نرى وعلى طول تلک الفتره أنّه قد أناخ رکابه فی حضیض ومستنقع الانحراف عن التوحید والوحدانیه والحق والمعرفه ومازلنا نشاهد أکثر من میلیارد إنسان مازالوا یخضعون أمام الأصنام المتعدده من الجمادات والحیوانات قد استولت علیهم تلک الأوثان وسلبتهم شخصیتهم التی ینبغی أن یکونوا علیها، وکذلک مازلنا نشاهد فی الهند الملایین من الناس یعبدون الأبقار من دون اللّه سبحانه، وکذلک نجد فی الیابان ـ تلک الدوله الصناعیه ـ انّ الشعب الیابانی قد صنع لکلّ ظاهره کونیه تمثالاً ورمزاً ونسب تلک الظاهره إلى ذلک الرمز.
وعلى هذا الأساس من اللازم فی کلّ عصر وزمان یکون فیه الناس على استعداد لتلقی الدعوه الإلهیه أن یبعث اللّه الأنبیاء (علیهم السلام) لیرشدوا الناس إلى ذلک الهدف (التوحید) الذی تنطوی فیه عملیه تکامل الإنسان ورقیّه، وفی غیر هذه الصوره لا یمکن أن یتحقّق الغرض من الخلقه ولا یمکن أن ینال الإنسان آماله وطموحاته التی یرنو إلیها.
وهناک سلسله من الآیات القرآنیه الکریمه توضّح وبجلاء هذا الهدف نذکر هنا بعضاً منها:
۱٫ (وَلَقَدْ بَعَثْنا فی کُلِّ أُمَّه رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ الضَّلالَهُ… ) . ( [۵])
۲٫ (وَإِلى مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً فَقالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ وَارْجُوا الیَومَ الآخِرَ… ) .( [۶])
۳٫ (وَإِلى عاد أَخاهُمْ هُوداً قالَ یا قَومِ اعْبُدُوا اللّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِله غَیْرُهُ أَفَلا تَتَّقُون ) .( [۷])
إنّ مجموع هذه الآیات یشهد على أنّ أحد الأهداف لبعثه الأنبیاء هو تحقیق معرفه الإنسان بالمبدأ و المعاد بنحو إذا لم یکن الأنبیاء فی أوساط المجتمع لا یتحقق ذلک الهدف إلاّ نادراً، وکما ذکرنا سابقاً إنّه ومع کلّ هذا التطور الحضاری والقفزه الصناعیه والعلمیه مازال الإنسان متمسّکاً بالشرک والوثنیه، ومازال المسیحیون یعتقدون إلوهیه المسیح.
فیا ترى کیف یکون مسیر البشریه بالنسبه إلى المبدأ والمعاد إذا لم یبعث فی أوساطهم أمثال هؤلاء المعلّمین الإلهیّین؟! ویکفیک أن تفکر فی عمق الفاجعه التی تحل بالبشریه حینئذ.
وبالإضافه إلى الآیات التی ذکرناها فإنّ الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) والأئمّه المعصومین (علیهم السلام) قد أشاروا إلى هذا الهدف من بعثه الأنبیاء فی مطاوی أحادیثهم (علیهم السلام) ، وهانحن نذکر بعض تلک الکلمات لتوضیح ذلک الهدف.
یقول الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) فی ضمن حدیث:
«ولا بعََثَ اللّهُ نَبِیّاً ولا رَسُولاً حتّى یَسْتَکْمِلَ الْعَقْلُ، وَیَکُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ عُقُولِ أُمَّتِهِ».( [8])
ویقول أمیر المؤمنین (علیه السلام) :
«إلى أنْ بَعَثَ اللّهُ سُبحانَهُ مُحَمَّداً رسول اللّهِ (صلى الله علیه وآله وسلم) لإنْجازِ عِدَتِهِ وَتَمام نُبُوَّتِهِ… وَأَهْل الأَرضِ یَومَئِذ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَهٌ وَأَهْواءٌ مُنْتَشِرَهٌ
وَطَرائِقُ مُتَشَتِّتَهٌ، بینَ مُشَبِّه للّهِ بِخَلْقِهِ أَو مُلْحِد فی اسْمِهِ أَوْ مُشیر إِلى غیْرِهِ، فَهَداهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلالَهِ وَأَنْقَذَهُمْ بِمَکانِهِ مِنَ الجَهالَهِ».( [9])
لقد أشار أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبه إلى توجّهات انحرافیه فی المجتمع والعدول عن جاده التوحید، وأشار (علیه السلام) إلى الغرض من بعثه الأنبیاء وبیّن أنّهم بعثوا لإنقاذ المنحرفین من الضلاله وهدایتهم وإعادتهم إلى ساحه النور والتوحید.
کذلک یشیر أمیر المؤمنین (علیه السلام) إلى ذلک الغرض بقوله:
«وَلِیَعْقِلَ العِبادُ عَنْ رَبِّهِمْ ما جَهَلُوهُ، فَیَعْرِفُوهُ بِرُبُوبِیَّتِهِ بَعْدَ ما أَنْکَرُوا، وَیُوَحِّدُوهُ بالإلهِیَّهِ ِ بَعْدَ ما أضدّوهُ».( [10])
ونظیر ذلک ما روی عن الإمام الصادق (علیه السلام) :
«لِیَعْقِلَ العِبادُ عَنْ رَبِّهِمْ ما جَهَلُوهُ وَعَرَفُوهُ بِرُبُوبِیَّتِهِ بَعْدَ ما أَنْکَرُوا، وَیُوحِّدُوا بِالإِلهیّهِِ بَعْدَ ما أَضَدّوهُ».( [11])
الهدف الثانی: حلّ الاختلافات
إنّ الهدف الثانی لبعثه الأنبیاء هو رفع الاختلافات والتمزّق الذی یحدث فی المجتمعات، حیث إنّ الأنبیاء بعثوا وهم یحملون التعالیم والشرائع السماویه لوضع حدّ لهذه الاختلافات وهذا التفرّق، وبالطبع إنّ هذه التشریعات إنّما تجدی
نفعاً فی الأوساط المؤمنه والمعتقده بأحقیّه التشریع السماوی، وأمّا الجماعات التی غلبت علیها روح التجاوز والبغی، فانّها وبلا شکّ لا تخضع لمثل هذه التعالیم السماویه، بل انّها تسعى وبکلّ جهد لتشدید حاله الاختلاف وتعمیق الفرقه فی المجتمع.
ولقـد أشـارت الآیـه المبارکـه إلى هذا الهـدف مـن بعثـه الأنبیـاء حیث قال سبحـانه:
(کانَ النّاسُ أُمَّهً واحِدَهً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِیِّینَ مُبَشِّرینَ وَمُنْذِرینَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الکِتابَ بِالحَقِّ لِیَحْکُمَ بَیْنَ النّاسِ فِیمَا اخْتَلَفُوا فِیهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِیهِ إِلاّ الَّذینَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَیِّناتُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِینَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِیهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ وَ اللّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلى صِراط مُسْتَقیم ) .( [۱۲])
الهدف الثالث: فصل الخصومات
إنّ بعض الأنبیاء (علیهم السلام) بالإضافه إلى قیامهم بالتبلیغ وتبیین أحکام الشریعه للناس استطاعوا أن یقوموا بتشکیل حکومه إلهیه، ومن الطبیعی إنّه لا یمکن لأی حکومه کانت أن تستغنی عن السلطات الثلاث:
۱٫ القانون
۲٫ المنفذون للقانون.
۳٫ القضاه لیحکموا بین الناس بالعدل والقسط فی حال ظهور الاختلاف فی الموضوعات.
ویطلق على هذه السلطات الثلاثه اسم: القوه التشریعیه،القوه التنفیذیه، القوه القضائیه. ویجمع هذه السلطات الثلاثه عنوان الحکومه.
ولقد أشار القرآن الکریم إلى أسماء عدد من الأنبیاء الذین قاموا ـ بالإضافه إلى المقام السامی لتبلیغ أحکام اللّه والإرشاد والهدایه ـ بفصل الخصومات التی کانت تقع بین الناس فی الموضوعات. والجدیر بالذکر أنّ هذه الاختلافات لم تکن من قبیل الاختلاف فی الأحکام الإلهیه،بل أنّ المتخاصمین کانوا یؤمنون بأصل الأحکام الإلهیه، ولکنّهم وبسبب جهلهم وعدم معرفتهم بتلک الأحکام المتعلّقه بموضوع النزاع یلتجئون إلى الأنبیاء (علیهم السلام) طالبین منهم بیان الحکم الإلهی فی الموارد المتنازع فیها، وفی الحقیقه إنّ هذا ـ أیضاًـ هو أحد الأهداف المهمه لبعثه الأنبیاء الذی یمکن أن یعتبر فرعاً من الأصل الکلّی الذی هو (فصل الخصومات)، وهانحن نشیر إلى بعض النماذج من آیات الذکر الحکیم التی تشیر إلى هذا المعنى:
یقول سبحانه وتعالى فی حقّ داود (علیه السلام) :
(یا داوُدُ إِنّا جَعَلْناکَ خَلِیفَهً فِی الأَرْضِ فَاحْکُمْ بَیْنَ النّاسِ بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَیُضِلَّکَ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ… ) .( [۱۳])
وفی آیه أُخرى یصفه سبحانه بقوله:
(…وَآتاهُ اللّهُ الْمُلْکَ وَالْحِکْمَهَ وَعَلَّمَهُ مِمّا یَشاءُ… ) .( [۱۴])
ومن الطبیعی جدّاً إنّ الذین یکون بیدهم زمام قیاده المجتمع یجب أن یکونوا هم القضاه والحکام فی المجتمع، سواء کان ذلک بصوره مباشره بأن یتصدوا
بأنفسهم لمسند القضاء، أو یکون ذلک بصوره غیر مباشره، وذلک من خلال تعیین ونصب القضاه الصالحین فی المجتمع.
ولقد أشارت بعض الآیات المبارکه إلى منهجیه وطریقه القضاء عند داود وسلیمانعلیمها السَّلام حیث قال سبحانه و تعالى فی وصفهما:
(…وَکُلاًّ آتَیْناهُ حُکْماً وَعِلْماً… ) .( [۱۵])
ولم ینفرد داود وسلیمان (علیه السلام) بهذا المنصب والمقام ـ القضاء والحکومه ـ بل أنّ هناک بعض الآیات التی یستفاد منها أنّ بعض أبناء إبراهیم (علیه السلام) قد امتلکوا ذلک المقام السامی والشامخ یقول سبحانه:
(…فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهیمَ الْکِتابَوَالْحِکْمَهَ وَآتَیْناهُمْ مُلْکاً عَظِیماً ) .( [۱۶])
ومن المسلّم به أنّه لا یمکن أن نتصوّر وجود سلطان واسع وملک عظیم خالیاً من النزاعات والخصومات ومن ثمّ خالیاً عن القضاء والحکم.
یقول اللّه سبحانه فی حقّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) الذی هو أحد أبناء إبراهیم (علیه السلام) :
(…وَإِنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ یُحِبُّ المُقْسِطینَ ) .( [۱۷])
وفی آیه أُخرى یقول سبحانه:
(…فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَل اللّهُ… ) .( [۱۸])
وکذلک یقول سبحانه:
(وَأَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَل اللّهُ … ) .( [۱۹])
من مجموع هذه الآیات والآیات التی تحدّثت عن قضاء الأنبیاء وحکمهم یمکن الوصول إلى النتیجه التالیه وهی: انّ أحد الأهداف الأساسیه التی من أجلها بعث الأنبیاء (علیهم السلام) هو فصل الخصومات وحل المرافعات، وبمعنى آخر رفع الاختلافات فی الموضوعات، مع الأخذ بعین الاعتبار أنّنا تاره نرى أنّ بعض الأنبیاء قد بعثوا لبیان وحل الاختلافات فی الأُمور الکلّیه، وأُخرى فی الأُمور الجزئیه، أی المرافعات والخصومات التی تتعلّق بالموضوعات، وبالنتیجه أنّ کلا النوعین وجهان لعمله واحده، والتی کانت سبباً لبعث الأنبیاء.
الهدف الرابع: إقامه القسط والعدل بین الناس
جاء فی بعض آیات الذکر الحکیم أنّ الغرض والهدف من بعث الأنبیاء وإنزال الکتب السماویه هو إقامه القسط والعدل بین الناس، یقول سبحانه:
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَیِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الکتابَ وَالمِیزانَ لِیَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الحَدیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ… ) .( [۲۰])
ومن الواضح أنّ جمله (لِیَقُومَ النّاسُ بِالقِسْطِ ) التی جاءت فی الآیه المبارکه کأنّها سلطت الضوء على بیان الهدف من بعثه الأنبیاء وإنزال الکتب السماویه، ألا وهو بسط القسط والعدل بین الناس،ومن العجیب أنّ الآیه بعد أن ذکرت
نزول الکتاب والمیزان أردفتهما بإنزال الحدید، وأشارت إلى القدرات العجیبه والخصائص المهمه لذلک المعدن، ولعلّ النکته فی الربط المذکور بین إنزال الکتب والحدید هی أنّ إقامه العدل والقسط لابدّ أن تتم من خلال هذین الطریقین: طریق التعلیم والتبلیغ والإرشاد، وهذا الطریق ینفع أصحاب القلوب الطاهره والفطره السلیمه; والطریق الآخر ـ القوه والضغط ـ ینفع أمام المعاندین والمشاکسین الذین لا یخضعون لمنطق العقل والدلیل.
وفی هذه الآیه إشاره إلى أنّ إجراء العدل وقیام الناس بالقسط هدف لجمیع الأنبیاء.
ونظیر ذلک ـ فی کلّیتها وعمومیتها ـ الآیه ۴۷ من سوره یونس حیث جاء فیها:
(وَلِکُلِّ أُمَّه رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالقِسْطِ وَهُمْ لا یُظْلَمُونَ ) .
ثمّ إنّه فی هذه الآیه المبارکه وإن لم یصرّح باسم القاضی أو صفته ولکن الظاهر منها أنّ الحاکم والقاضی هنا هو اللّه سبحانه ورسوله الموکَل من قبله لإجراء القسط والعدل بین الناس.
الهدف الخامس: تزکیه النفوس وتعدیل الغرائز
إنّنا نرى وخلافاً لنظریه بعض الحکماء الذین لخّصوا شخصیه الإنسان فی الفکر والعقل(النفس الناطقه) أنّ نصف شخصیه الإنسان یتقوّم بالغرائز والمیول الفطریه، وبما أنّ مجال حرکه الفلاسفه وزاویه نظرهم قد سُلِّطَت على الجانب الفکری والإدراکات العقلیه للإنسان. بذلک عرّفوه بالموجود المفکّر، وأمّا علماء
الأخلاق والذین لهم اهتمامات خاصه فی تزکیه الإنسان وتکامله فإنّ نقطه الوصل والارتباط بینهم وبین الإنسان هو الجانب الغرائزی والمیول، ولذلک نظروا إلیه وکأنّه مجموعه من الغرائز والشهوات.
وعلى هذا الأساس یمکن لنا أن نعرّف شخصیه الإنسان تعریفاً جامعاً ونبیّنها بقولنا: إنّ شخصیه الإنسان تتألف من قسمین أساسیین: العقل والإدراک، والآخر: الغرائز والمیول والرغبات.
إنّ هناک العدید من الآیات التی تشیر إلى أنّ الهدف من بعثه الأنبیاء هو تزکیه وتطهیر النفوس وأخلاق الناس، یقول سبحانه:
(وَیُزَکِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمُ الکِتابَ وَالحِکْمَهَ ) .
ولقد وردت هذه الجمله فی آیات متعدّده من الذکر الحکیم.( [۲۱])
والجدیر بالذکر أنّه توجد نکته ینبغی الالتفات إلیها وهی انّنا فی الوقت الذی نجد فیه انّ اللّه سبحانه حینما یبیّن فی بعض الآیات الهدف من بعثه النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) یقدّم التزکیه والتربیه على التعلیم ولکن حینما یدعو إبراهیم (علیه السلام) ربّه أن یبعث فی أهل مکه وأطرافها رسولاً منهم نراه یقدّم التعلیم على التزکیه، وهنا یطرح التساؤل التالی نفسه: ما هی فلسفه هذا التقدّم والتأخّر، وما هی النکته الخفیه فی ذلک؟ سنبیّن ذلک فی البحوث القادمه إن شاء اللّه تعالى.
وبالطبع إنّه قد أُشیر إلى هذا الهدف الکبیر تاره بلفظ «التزکیه» وأُخرى بلفظ «التقوى» و «التوبه». وعلى هذا الأساس فإنّ الآیات التی جاء بها الأنبیاء والتی حثّت على التقوى والتوبه ورغّبت فیهما کلّها تنسلک فی طریق تحقیق ذلک
الهدف السامی والعظیم من أهداف بعثه الأنبیاء (علیهم السلام) وأنّها جمیعاً تسعى لتأمین الهدف الأخلاقی فی بعثه الأنبیاء.( [۲۲])
وقد أُشیر فی بعض الآیات إلى الضمانه التنفیذیه لمثل هذه القیاده حیث قال سبحانه وتعالى:
(رُسُلاً مُبَشِّرینَ وَ مُنْذِرینَ لِئَلاّ یَکُونَ لِلنّاسِ عَلى اللّهِ حُجَّهٌ بَعْدَالرُّسُلِ وَ کانَ اللّهُ عَزِیزاً حَکیماً ) .( [۲۳])
فإنّ جمله (مُبَشِّرینَ وَمُنْذِرینَ ) تشیر إلى الثواب والعقاب الذی أعدّه اللّه سبحانه للمطیعین وللعاصین.
ولقد أشار أمیر المؤمنین إلى هذه الضمانه التنفیذیه بقوله:
«بَعَثَ رُسُلَهُ بِما خَصَّهُمْ بهِ مِنْ وَحْیِهِ، وَجَعَلَهُمْ حُجَّهً لَهُ عَلى خَلْقِهِ، لئَلاّ تَجِبَ الحُجَّهُ لَهُمْ بِتَرْکِ الإِعْذارِ إِلَیْهِمْ، فَدَعاهُمْ بِلِسانِ الصِّدْقِ إِلى سَبِیلِ الحَقِّ… فَیَکُونُ الثَّوابُ جَزاءً وَالعِقابُ بَواءً».( [24])
کما أنّه (علیه السلام) أشار فی خطبه أُخرى إلى أنّ أُصول تعالیم الأنبیاء أُمور فطریه قد أودعها اللّه فی خلقه، وأنّ مسؤولیه الأنبیاء تکمن فی تنمیه وبناء هذه المیول الفطریه، وکأنّهم (علیهم السلام) مذکرون لا مبدعون وأنّ ما جاءوا به من تعالیم وإرشادات کان الإنسان قد تعلّمها من خلال مدرسه الفطره، ولکن هذه الجواهر الفطریه القیّمه
تحتاج إلى مهندسین من الطراز الأوّل لاستخراجها وتفعیلها حیث یقول (علیه السلام) :
«واصْطَفى سُبْحانَهُ مِنْ وُلْدِهِ أَنْبِیاءَ أَخَذَ عَلى الوَحْی مِیثاقَهُمْ، وعَلى تَبْلیغِالرِّسالَهِ أَمانَتَهُم۳٫٫٫ فَبَعثَ فِیهِمْ رُسُلَهُ، وَواتَرَ إِلَیْهِمْ أَنْبِیاءَهُ، لِیَسْتَأدُوهُمْ مِیثاقَ فِطْرَتِهِ، وَیُذَکِّرُوهُمْ مَنْسِیَّ نِعْمَتِهِ، وَیَحْتَجّوا عَلَیْهِمْ بِالتَّبْلیغِ، وَیُثیرُوا لَهُمْ دَفائِنَ العُقُولِ».( [25])
إلى هنا تمّ بیان هذا الهدف من بعثه الأنبیاء والذی یظهر أنّه یتألف من مقدّمتین:
الأُولى: أنّ وجود الإنسان یشتمل على مجموعه من الغرائز والمیول الفطریه.
الثانیه: أنّ الاستفاده الصحیحه من تلک الغرائز والمیول بعیداً عن الإفراط والتفریط بحاجه إلى قیاده حکیمه .
إذاً تکامل الإنسان ورقیّه یحتاج إلى قیاده تستطیع ترشید تلک الغرائز والمیول الفطریه.
الهدف السادس: تعلیم الناس الکتاب والحکمه
لقد أشارت آیات من الذکر الحکیم إلى أنّ أحد أهداف بعثه الأنبیاء هو تعلیم الناس الکتاب الإلهی والحکمه، ولا شکّ أنّ المقصود من الکتاب هو الکتاب المنزل على کلّ نبیّ فی عصره، کصحف نوح وإبراهیمعلیمها السَّلام وتوراه موسى وإنجیل المسیحعلیمها السَّلام وقرآن نبی الإسلام محمّد (صلى الله علیه وآله وسلم) .
کما أنّ المقصود من الحکمه هو تلک الدساتیر والقوانین الحکیمه التی
تضمن للإنسان سعاده الدنیا والآخره، لا خصوص الحکمه المرادفه للفلسفه النظریه فی مصطلح أهل المعقول.
قال تعالى حاکیاً عن إبراهیم دعاءه بقوله:
(رَبَّنا وَابْعَث فِیهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِکَ وَیُعَلِّمُهُمالکِتابَوَالحِکْمَه… ) .( [۲۶])
الهدف السابع : إقامه الحجّه على العباد
یستفاد من بعض آیات الذکر الحکیم أنّ الهدف من بعثه الأنبیاء هو إتمام الحجّه وإقامتها على العباد، قال سبحانه:
(رُسُلاً مُبَشِّرینَ وَمُنْذِرینَ لِئَلاّیَکُونَ لِلنّاسِ عَلى اللّهِ حُجَّهٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَ کانَ اللّهُ عَزیزاً حَکیماً ) .( [۲۷])
ویقول سبحانه:
(یا أَهْلَ الکِتابِ قَدْجاءَکُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَکُمْ عَلى فَتْرَه مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِیرٌ وَلا نَذیر فَقَدْ جاءَکُمْ بَشِیرٌ وَنَذِیرٌواللّهُ على کُلّ شَیء قَدِیرٌ ) ( [۲۸]) . ( [۲۹])
[۱] . کشف المراد:۲۷۳، ط قم، مصطفوی.
[۲] . اللوامع الإلهیه:۱۶۶ـ ۱۶۷، ط تبریز.
[۳] . انظر: الإشارات:۱/۳۷۱; تلخیص المحصل، ۳۶۳، ط طهران; کشف المراد:۳۷۱، ط قم، مصطفوی; اللوامع الإلهیه:۱۶۷، ط تبریز; المغنی للقاضی عبد الجبار:۱۵/۱۹، ط مصر; شرح الأُصول الخمسه:۵۶۳،ط القاهره.
[۴] . بحار الأنوار:۱۱/۲۹ـ ۳۰٫
[۵] . النحل: ۳۶٫
[۶] . العنکبوت: ۳۶٫
[۷] . الأعراف: ۶۵٫
[۸] . الکافی:۱/۱۳، کتاب العقل والجهل، الحدیث ۱۱٫
[۹] . نهج البلاغه، الخطبه ۱٫
[۱۰] . نهج البلاغه: الخطبه ۱۴۳٫
[۱۱] . بحار الأنوار:۱۱/۳۸، نقلاً عن علل الشرائع، ص ۵۱٫
[۱۲] . البقره: ۲۱۳٫
[۱۳] . ص: ۲۶٫
[۱۴] . البقره: ۲۵۱٫
[۱۵] . الأنبیاء: ۷۹٫
[۱۶] . النساء: ۵۴٫
[۱۷] . المائده: ۴۲٫
[۱۸] . المائده: ۴۸٫
[۱۹] . المائده: ۴۹٫
[۲۰] . الحدید: ۲۵٫
[۲۱] . انظر آل عمران:۱۶۴، الجمعه: ۲٫
[۲۲] . انظر الآیات:۱۰۸، ۱۱۰، ۱۲۶، ۱۷۷، ۱۷۹، ۱۸۴، من سوره الشعراء; و ۷۴، ۸۶ من سوره الأعراف; و الآیه ۶۱ من سوره هود; و۲۶ من النمل; و۳۶ من سوره العنکبوت.
[۲۳] . النساء: ۱۶۵٫
[۲۴] . نهج البلاغه، الخطبه ۱۴۴٫
[۲۵] . نهج البلاغه: الخطبه ۱٫
[۲۶] . البقره: ۱۲۹٫
[۲۷] . النساء: ۱۶۵٫
[۲۸] . المائده: ۱۹٫
[۲۹] . منشور جاوید:۱۰/۱۷ـ ۶۵٫