ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟

0

الجواب الإجمالی

یعتقد الجبریون بان الانسان مجبر فی أفعاله و لیس مختاراً فی ما یصدر منه من فعل. فقد ذهب المتکلمون من الأشاعره الى کون الانسان مجبراً فی أفعاله فاقداً للاراده فی فعله. و قد نسبوا جمیع الافعال الى الله تعالى، فالانسان کالحجر الملقى من شاهق لا اختیار له فی حرکته.

و انما ذهبوا الى تبنی هذه النظریه لانهم لم یستطیعوا الإجابه عن بعض الشبهات المثاره فی هذا المجال. و بعباره أخرى إنهم تبنوا ذلک لانهم یعتقدون بانهم من خلال تبنی هذه النظریه سوف یحافظون على التوحید بالخالقیه و أن لا خالق سوى الله تعالى.

 

و نحن نعتقد بان هذه النظریه باطله لان الاعتقاد بها یستلزم:

۱٫ اختلال العدل الالهی؛ ۲٫ انها تتنافى مع هدف الانبیاء؛ ۳٫ انها تتنافى مع صریح آیات القرآن الکریم؛ ۴٫ یترتب علیها مجموعه من الآثار و العواقب الاجتماعیه الخطیره.

اما العلماء الشیعه فیعتقدون بنظریه “الأمر بین الأمرین” و التی أشار الیها الأئمه (ع)، وهی تعنی بان فعل الانسان فی الوقت الذی هو منسوب الى الله تعالى هو أیضاً منسوب الى العبد، الا أن نسبته الى العبد من جهه کونه هو المباشر للفعل “نسبه مباشریه” و نسبته الى الله تعالى بالتسبیب بانه تعالى هو الذی منح الانسان القدره و القابلیات الوجودیه التی تمکنه من القیام بالفعل فالنسبه نسبه سببیه.

الجواب التفصیلی

عندما یطرح مصطلح “الجبر” فی البحث العقائدی یراد به أن الانسان فاقد للاراده و الاختیار فی أفعاله و تحرکاته، فلیس قادراً على اختیار الحسن و لا هو قادر على رد القبیح، بل کل ما یصدر عنه فهو بإراده الله و إختیاره.

فالجبریون یعتقدون بان الانسان مجبر على فعله و تصرفاته وانه مسلوب الاراده. فی مقابل ذلک نرى هناک اتجاه آخر یرى أن الانسان مختار فی فعله و أن مطلق العنانو الاراده فی اختیاره و تصرفاته.

و قد أثیرت تلک الأبحاث فی الاوساط الاسلامیه منذ النصف الاول من القرن الثانی و على اقصى التقادیر فی النصف الثانی من ذلک القرن.

و مما لاریب فیه أن العامل الأساسی فی خوض العلماء المسلمین فی مثل هذه الابحاث هو ورود مثل هذه الابحاث فی آیات الذکر الحکیم و کلمات النبی الاکرم (ص). فمساله المصیر و کذلک مساله الحریه و الاختیار و مسائل أخرى ذات صله لما طرحت فی القرآن الکریم و صرحت الآیات و الروایات بقضیه مصیر الانسان و اختیاره و ارادته، من هنا خاض العلماء فی مثل هذه الابحاث لمعرفه المراد من الآیات و الروایات و بیان مفادها.

 

 

و قد ذهب علماء المذهب الاشعری الى تنبی نظریه الجبر، و من أهم الادله التی استندوا الیها فی هذا دعم هذه النظریه، هی:

 

۱٫ علم اللّه الأزلی

قالوا: «إنّ ما علم اللّه عدمه من أفعال العبد فهو ممتنع الصدور عن العبد وإلّا جاز انقلاب العلم جهلًا، وما علم اللّه وجوده من أفعاله فهو واجب الصدور عن العبد، وإلا جاز ذلک الانقلاب وهو محال فی حقّه سبحانه، وذلک یبطل اختیار العبد، إذ لا قدره على الواجب والممتنع، ویبطل أیضاً التکلیف لابتنائه على القدره والإختیار، فما لزم القائلین بمسأله خلق الاعمال فقد لزم غیرهم لأجل اعتقادهم بعلمه الأزلی المتعلّق بالأشیاء»[۱].

والجواب عنه: أنّ علمه الأزلی لم یتعلّق بصدور کلّ فعل عن فاعله على وجه الإطلاق، بل تعلّق علمه بصدوره عنه حسب الخصوصیات الموجوده فیه وعلى ضوء ذلک، تعلّق علمه الأزلی بصدور الحراره من النّار على وجه الجبر والاضطرار، کما تعلّق علمه الأزلی بصدور الرعشه من المرتعش کذلک، ولکن تعلّق علمه سبحانه بصدور فعل الإنسان الإختیاری منه بقید الإختیار والحرّیّه، ومثل هذا العلم یؤکّد الاختیار. قال العلّامه الطباطبائی:

إنّ العلم الأزلی متعلّق بکلّ شی‏ء على ما هو علیه، فهو متعلّق بالأفعال الإختیاریه بما هی إختیاریه، فیستحیل أن تنقلب غیر إختیاریه …. [۲]

 

 

۲٫ إراده اللّه الأزلیه

قالوا: «ما أراد اللّه وجوده من أفعال العبد وقع قطعاً، وما أراد اللّه عدمه منها لم یقع قطعاً، فلا قدره له على شی‏ء منهما». [۳]

والجواب عنه: أنّ هذا الإستدلال نفس الإستدلال السّابق لکن بتبدیل العلم بالإراده، فیظهر الجواب عنه ممّا ذکرناه فی الجواب عن سابقه. قال العلامه الطباطبائی:

تعلّقت الإراده الإلهیه بالفعل الصادر من زید مثلًا لا مطلقاً، بل من حیث إنّه فعل اختیاری صادر من فاعل کذا، فی زمان کذا ومکان کذا، فإذن تأثیر الإراده الإلهیه فی الفعل یوجب کون الفعل اختیاریاً وإلّا تخلّف متعلّق الإراده … فخطأ المجبره فی عدم تمییزهم کیفیّه تعلّق الإراده الإلهیه بالفعل …. [۴]

 

 

۳٫ لزوم الفعل مع المرجِّح الخارج عن الاختیار

قالوا: «إنّ العبد لو کان موجداً لفعله بقدرته فلابدّ من أن یتمکن من فعله وترکه، وإلّا لم یکن قادراً علیه، إذ القادر من یتمکّن من کلا الطرفین. وعلى هذا یتوقّف ترجیح فعله على ترکه على مرجّح، وإلّا لزم وقوع أحد الجائزین بلا مرجِّح وسبب وهو محال، وذلک المرجِّح إن کان من العبد وباختیاره لزم التسلسل الباطل، لأنّا ننقل الکلام إلى صدور ذلک المرجِّح عن العبد فیتوقّف صدوره عنه إلى مرجِّح ثان وهکذا ….

وإن کان من غیره وخارجاً عن اختیاره، فبما أنّه یجب وقوع الفعل عند تحقّق المرجِّح، والمفروض أنّ ذلک المرجِّح أیضاً خارج عن اختیاره، فیصبح الفعل الصادر عن العبد، ضروریّ الوقوع غیر إختیاری له». [۵]

والجواب عنه: أنّ صدور الفعل الإختیاری من الإنسان یتوقّف على مقدّمات ومبادئ من تصوّر الشی‏ء والتصدیق بفائدته والإشتیاق إلى تحصیله وغیر ذلک من المقدمات، ولکن هذه المقدمات لا تکفی فی تحقّق الفعل وصدوره منه إلّا بحصول الإراده النفسانیه الّتی یندفع بها الإنسان نحو الفعل، ومعها یکون الفعل واجب التحقّق وترکه ممتنعاً.والمرجّح لیس شیئاً وراء داعی الفاعل وإرادته ولیس مستنداً إلّاإلى نفس الإنسان وذاته، فإنّها المبدأ لظهوره فی الضمیر، إنّما الکلام فی کونه فعلًا اختیاریاً للنفس أو لا؟ فمن جعل الملاک فی اختیاریه الأفعال کونها مسبوقه بالإراده وقع فی المضیق فی جانب الإراده، لأنّ کونها مسبوقهً بإراده أُخرى‏ یستلزم التسلسل فی الإرادات غیر المتناهیه، وهو محال.

وأمّا على القول المختار، من أنّ الملاک فی اختیاریّه الأفعال کونها فعلًا للفاعل الّذی یکون الإختیار عین هویّته وینشأ من صمیم ذاته ولیس أمراً زائداً على هویّته عارضاً علیها، فلا إشکال مطلقاً، وفاعلیه الإنسان بالنسبه إلى أفعاله الإختیاریه کذلک، فاللّه سبحانه خلق النفس الإنسانیه مختارهً، وعلى هذا یستحیل أن یسلب عنها وصف الإختیار ویکون فاعلًا مضطرّاً کالفواعل الطبیعیّه.

 

 

۴٫ التکلیف بمعرفه اللّه تکلیف بالمحال

قالوا: «التکلیف واقع بمعرفه اللّه تعالى إجماعاً، فإن کان التکلیف فی حال حصول المعرفه فهو تکلیف بتحصیل الحاصل، وهو محال، وإن کان حال عدمها فغیر العارف بالمکلّف وصفاته المحتاج إلیه فی صحّه التکلیف منه، غافل عن التکلیف وتکلیف الغافل تکلیف بالمحال». [۶]

والجواب عنه: أنّا نختار الشقّ الأوّل من الإستدلال ولکن لا بمعنى المعرفه التفصیلیه حتى یکون تحصیلًا للحاصل، بل المعرفه الإجمالیه الباعثه على تحصیل التفصیلیه منها.

توضیح ذلک: أنّ التکلیف بمعرفه اللّه تعالى تکلیف عقلی، یکفی فیه التوجّه الإجمالی إلى أنّ هناک منعماً یجب معرفته ومعرفه أسمائه وصفاته شکراً لنعمائه، أو دفعاً للضرر المحتمل.

 

 

۵٫ لا یوجد الشی‏ء إلّابالوجوب السابق علیه

قد ثبت فی الفلسفه الأُولى أنّ الموجود الممکن ما لم یجب وجوده من جانب علّته لم یتعیّن وجوده ولم یوجد، وذلک: لأنّ الممکن فی ذاته لا یقتضی الوجود ولا العدم، فلا مناص لخروجه من ذلک إلى مستوى الوجود من عامل خارجی یقتضی وجوده، ثمّ ما یقتضی وجوده إمّا أن یقتضی وجوبه أیضاً أو لا؟ فعلى الأوّل وجب وجوده، وعلى الثانی، بما أنّ بقاءه على العدم لا یکون ممتنعاً بعدُ، فیسأل: لماذا اتّصف بالوجود دون العدم؟ وهذا السؤال لا ینقطع إلّا بصیروره وجود الممکن واجباً وبقائه على العدم محالًا، وهذا معنى قولهم: «إنّ الشی‏ء ما لم یجب لم یوجد».

هذا برهان القاعده، ورتّب علیها القول بالجبر، لأنّ فعل العبد ممکن فلا یصدر منه إلّا بعد إتّصافه بالوجوب، والوجوب ینافی الاختیار.

والجواب عنه: أنّ القاعده لا تعطی أزید من أنّ المعلول إنّما یتحقّق بالإیجاب المتقدّم على وجوده، ولکن هل الإیجاب المذکور جاء من جانب الفاعل والعلّه أو من جانب غیره؟ فإن کان الفاعل مختاراً کان وجود الفعل ووجوبه المتقدّم علیه صادراً عنه بالإختیار، وإن کان الفاعل مضطرّاً کالفواعل الکونیه کانا صادرین عنه بالإضطرار.

والحاصل: أنّ الوجوب المذکور فی القاعده وإن کان وصفاً متقدّماً على الفعل، ولکنّه متأخّر عن الفاعل، فالمستفاد منه لیس إلّا کون الفعل موجباً (بالفتح) وأمّا الفاعل فهو قد یکون أیضاً کذلک وقد یکون موجِباً (بالکسر)، فإن أثبتنا کون الإنسان مختاراً فلا تنافیه القاعده المذکوره قید شعره.[۷]

هذه اطلاله اجمالیه على أدله القائلین بالجبر مع مناقشتها؛ و من المناسب هنا أن نشیر الى بعض الآثار السیئه التی تترتب على القول بالجبر، منها:

۱٫ إن القول بالجبر لا ینسجم مع العدل الالهی؛ فقد أشار سبحانه و تعالى الى عدله فی أکثر من آیه کقوله تعالى ” شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَ الْمَلائِکَهُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزیزُ الْحَکیم‏”.[۸]

و قوله عز من قائل: ” وَ نَضَعُ الْمَوازینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَهِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَ إِنْ کانَ مِثْقالَ حَبَّهٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَیْنا بِها وَ کَفى‏ بِنا حاسِبین‏”.[۹]

۲٫ إن القول بالجبر لا ینسجم مع بعثه الانبیاء؛ فقد اشار القرآن الکریم الى أن من بین اهداف بعثه الانبیاء التعلیم و التربیه و تزکیه البشر.[۱۰] و من البدیهی أن هذا الهدف لا یتحقق مع کون الانسان مجبراً فی أفعاله و حینئذ یکون بعث الانبیاء لغوا لا طائل من ورائه لعدم مؤثریه الارشاد و التبشیر و الانذار فی فعل الانسان.[۱۱]

 

علماً، أن إنکار حریه الانسان بالمطلق لم یبق حینئذ فرق بینه و بین سائر الموجودات.

أضف الى ذلک أنه یترتب على هذه النظریه – کما یشیر الى ذلک الشهید المطهری- مجموعه من الآثار الاجتماعیه الخطیره فقد تکون هذه النظریه مبررا للظلمه و الطواغیت للتمادی فی غیهم و ظلمهم و فی المقابل تجعل المظلومین و المحرومین مکتوفی الایدی لا یحرکون ساکناً.

و قد حدثنا التاریخ أن هذه النظریه کان مدعومه من قبل الامویین لیتشبثوا بها من أجل تبریر ما أقترفته ایدیهم من جرائم و موبقات؛ و فی المقابل تراهم یحاربون القائلین بالاختیار و یرون فی نظریه الاختیار خطراً على سلطانهم فقاموا بقتل البعض و إیداع البعض الآخر خلف قضبان السجون.[۱۲]

فالمذهب الحق فی هذا القضیه یتمثل فیما ذهبت الیه الشیعه من الفعل الصادر من الانسان ینسب الى الانسان من جهه کونه هو الفاعل المباشر له، و فی الوقت نفسه ینسب الى الله تعالى باعتباره المسبب و المانح لکل للقوه و القابلیات الموجده للفعل فهو فعله تعالى بالتسبیب، ففعالیه الانسان فاعلیه مباشریه و فاعلیه الله تعالى فاعلیه سببیه. و یطلق على هذه النظریه عنوان “أمر بین أمرین).

و هذه النظریه مدعومه بکثیر من الآیات القرآنیه و الاحادیث الشریفه الصادره عن المعصومین (ع).

 

[۱]  شرح المواقف: ۸/ ۱۵۵ بتلخیص.

[۲]  الأسفار: ۶/ ۳۱۸، تعلیقه العلّامه الطباطبائی قدس سره.

[۳]  شرح المواقف: ۸/ ۱۵۶٫

[۴]  المیزان: ۱/ ۹۹- ۱۰۰٫

[۵] شرح المواقف: ۸/ ۱۴۹- ۱۵۰، بتلخیص وتصرّف.

[۶] شرح المواقف: ۸/ ۱۵۷٫

[۷] انظر: الشیخ جعفر السبحانی، محاضرات فی الالهیات، ص ۲۱۹-۲۲۲؛ مصباح الیزدی، محمد

قی، آموزش عقاید (تعلیم العقائد ثلاث مجلدات)، ص ۱۵۵٫

[۸] آل عمران،۱۸٫

[۹] الانبیاء،۴۷٫

[۱۰] انظر: الجمعه، ۲٫

[۱۱] لان الانسان وفقا لنظریه الجبر فاقد للاراده.

[۱۲] المطهری، مرتضی، مجموعه الآثار، ج ۱، ص ۳۷۵-۳۷۶٫

 

 

http://shiastudies.com/ar/

 

 

ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟ ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟ ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ر. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟. ما هو الدلیل على بطلان القول بالجبر؟؟؟

Leave A Reply

Your email address will not be published.